الرئيسية » أغراس أغراس » كلشي باين »

ساحل أيت باعمران وميناء سيدي بولفضايل والحقيقة الضائعة

لا شك أن المتتبعين للشأن العام الوطني والمحلي بإقليمي تيزنيت وسيدي إفني، تابع الضجة الاعلامية والفايسبوكية التي تلت الإعلان عن مشروع ميناء سيدي بولفضايل .. وقد أجمع كل البعمرانيين بما فيهم السلطات والمنتخبون والفاعلين برفض المشروع، فيما تشبت أهل الساحل التابع لإقليم تيزنيت والتيزنتيون بحقهم المشروع في ميناء كبير أو متوسط بإقليم تيزنيت.

المعارضون اعتبر المشروع اقباراً معلناً لميناء سيدي إفني وهو لم يكتمل بعد من عملية توسيعه المتوقف لسنوات بسبب ما يعانيه من مشاكل وأهل الاختصاص أدرى بها، واعتبروا ذلك استمراراً للحصار والتهميش الذي تعيش فيه المنطقة، فيما أكد بعضهم أن ميناء بولفضايل سياسة من طرف الحزب الحكومي المعلوم لبسط نفوذه على إقليم تيزنيت ونحن على بعد شهور قليلة من الانتخابات التشريعية، علماً أن الاستغلال الانتخابي للميناء لن يقتصر على حزب بن كيران، بل سيشمل أيضا حزب الوردة في شخصه مناضليه بتيزنيت، حيت أكد في مقالات سابقة أنه سباقٌ لطرحه واقتراح المشروع بمعية عدد من الفعاليات بالإقليم، إضافة للوزير أخنوش الذي سيبقى وفياً كعادته بحياده في الموضوع مفضلا توظيف أتباع حزبه لاستغلال أحداث الميناء وضمه لمنجزاته، ونحن نعلم جيدا سيطرة الحزب على مجالس ونخب الإقليم.

كل هذه الأمور تبقى قراءات أولية، استقيناها فقط من ما قيل في الموضوع، ولكن ما يهمنا هنا الخوض في تحليله هو ما موقع مير اللفت البعمرانية ذات الجناح الساحلي على غرار أيت الساحل، هنا اعتقد أن مير اللفت كعاصمة لساحل أيت باعمران أريد لها أن تبقى المتفرج دون موقف في الأمر، علماً أن عدد من الفعاليات السياسية بالمنطقة فضلت بلع لسانها وعدم الخروج بأي تصريح في الموضوع خشية غضبة إقليمية أو حزبية، والبعض الآخر صرح بمساندته لموقف أيت باعمران الجنوبي من منطلق قبائلي وسياسي وبحكم الانتماء الاداري لعمالة إفني، والتاريخي لقبائل أيت باعمران.

لكن دعونا نطرح الموضوع من زاوية تنموية يكون فيها الفصل مصلحة الساكنة والتنمية بالمنطقة لا غير، بعيداً عن تسييس الأمور وأدلجتها وتقسيم لم يخدمنا صراحةً، وبعيدا عن عصبية أي طرف كان. ونعتقد من خلال هذه القراءة البسيطة والقابلة للنقد طبعا أن إحداث ميناء بمنطقة سيدي بولفضايل المتواجدة على بضع كيلومترات من الحدود الترابية لجماعة مير اللفت وجهة كلميم وعمالة إفني سيكون لها وقع تنموي إيجابي على الجماعة والإقليم بصفة عامة، وذلك لعدة أسباب موضوعية ومادية أولها القرب من ميناء بتواجده على بعد أقل من خمس كيلومترات على تراب الجماعة، مما سيجعل من التنقل للميناء أمراً بسيطاً وسهلا للساكنة وبدون حاجة لعناء التنقل وصعوبة المسالك، حيث تتميز الطريق الرابطة بين الجماعة والميناء بليونتها وقربها بدون منعرجات أو مرتفعات التي تتسبب في كثير من الأحيان بالحوادث وتعيق ليونة التنقل، كما هو الشأن للطريق بين إفني ومير اللفت.

يكتبه المخرج السينمائي والممثل: يوبا أوبركا 

يكتبه المخرج السينمائي والممثل: يوبا أوبركا

وبالتالي، فالساكنة ستجد نفسها أمام فرص شغل مهمة في شتى المجالات والتخصصات بالنظر لما سيتيحه الميناء من مناصب وفرص للتشغيل وفق المقاربة التضامنية بين الجهات والجماعات داخل الجهات المختلفة طبعاً، كما سيتم نقل الثروات السمكية للمنطقة بسهولة وبدون إضافة مصاريف نقلها التي تصل في بعض الأحيان إلى ضعف ثمن المنتوج السمكي .. ولا شك كذلك أن ميناء ساحلي يقع في مدخل الجماعة سيكون حافزا مهماً للاستثمار بمير اللفت و الساحل البعمراني طبعا، حيث لن يقتصر الأمر على جماعة الساحل التي كانت مير اللفت قبل بداية التسعينات تابعة لها، وهو من الأمور التي مازالت تغدي روح التضامن والتواصل بين ساكنة الجماعتين رغم مقص التقطيع الترابي الذي فرق بينهما، فأربعاء الساحل هي امتداد لمير اللفت و ايت باعمران شمالا، ورابط مهم بين المنطقة مع أكبر مدن الجنوب مدينة تيزنيت، وسيكون الميناء طبعاً أحد أهم النقط لتلاقي وتلاقح صحي من جديد لساكنة فرق بينهما التقسيم الإداري للجماعات الترابية وللأقاليم، وأضر بمصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة، وهو ما كان دافعاً لنا لكتابة هذه السطور.

الساكنة البسيطة والطبقات الفقيرة الشعبية المثقلة بمصاريف العيش والشباب المتخبط في الموت البطيء بسبب البطالة وانعدام فرص الشغل سيكون مسروراً بإحداث ميناء سيدي بولفضايل، الذي سيشكل لهم متنفس مهم ولعائلاتهم، ونحن نعلم أن ساكنة لمنطقة تعتمد بشكل مركزي على الثروات البحرية للاطمئنان على لقمة عيشهم اليومية، هؤلاء الفقراء لا يفهمون في صراعات حزبية وسياسة ولا تهمهم الصراعات القومية والقبائلية، فكل ما يبحثون عنه هو لقمة عيش والقليل من الكرامة .

صحيح أن ميناء سيدي إفني يتخبط في مشاكل عديدة ولا شكك أن المدينة تعيش وضعا لا تحسد عليه، لكن معالجة الأمور تتطلب تكتل الجميع من أجل مصلحة المدينة والمنطقة وليس على حساب أي طرف، فمن حق ساكنة الساحل الباعمراني إنشاء الميناء، إذا كان الكثير يرفض ميناء سيدي بولفضايل من زاوية العدالة المجالية بين الجهات، فمن الأجدر الحديث عن العدالة الاجتماعية داخل الجهات وتحقيق تنمية حقيقية داخلها والبحت عن سبل الدفع بعجلة الابتكار والاجتهاد في تثمين الفعل التنموي مهما كانت أصوله وخلفياته، بدل رفع شعار الرفض في كل مناسبة وفي كل مرة ونحن ندرك جيدا أن عدد من المنضمين أخيرا لرفض ميناء الساحل كان تحت غطاء مصلحة أيت باعمران، وهم يجترون مرة أخرى علينا شعاراتهم السياسية الجوفاء ليس من باب الدفاع عن المنطقة بالطبع، ولكن رغبتا منهم في ركوب موجة الاحتجاجات وتوظيفها في إطار سياسي وانتخابي سابق لأوانه، ولعل المواطن العادي يطرح أسئلة عدة من قبيل أين هؤلاء السياسيين من الترافع من أجل إنهاء أشغال ميناء سيدي إفني؟، كيف اختطفتهم مصالحهم الشخصية منذ الانتخابات الجماعية؟، أين هي أموالهم التي يصرفونها فقط إبان الحملات الانتخابية؟.

أسئلة كثيرة ستجد لها جواب واحد، هؤلاء القوم لا يهمهم لا مصلحة أيت باعمران ولا ميناءهم، ورغبتهم الوحيدة هي الضحك على ذقون الساكنة والترويج لحملاتهم الانتخابية ونحن على بعد شهور من الانتخابات التشريعية. دعونا نفكر بهدوء جميعا بدون تلاوين سياسية ولا مزايدات حزبية ولا مصالح شخصية، إذا كانت رغبتهم في حصد أصوات الناخبين، فحقهم مشروع ولكن ليس على حساب جهل وفقر المنطقة ومشاريع منطقة أخرى، رأت وسترى النور بفضل تكتل الجميع من أجل مصلحة منطقتهم.

اعتزازنا بتاريخ قبائلنا البعمرانية الباسلة ليس بالضرورة توظيف ثقافة الاحتجاج وغيره ورفع إشارة لا في كل مناسبة، يجب التفكير ولم الشمل أهل ورجالات ونساء أيت باعمران كل من موقعه، كل باختصاصه، وترك حزازات وصراعات الماضي السياسية منها خاصة. فأيت باعمران خسرت الكثير بسببها وما تزال فالجهات والمجالس وغيرها تبقى وسائل لتحقيق تنمية يكون الانسان هدفها ومحورها الأساسي والرفع من مستوى الخدمات المقدمة إليه وتوفير مناصب وفرص للتشغيل، أما غير ذلك يبقى مزايدات ذات أهداف سياسية محضة لا تغني ولا تسمن من جوع، وفي الأخير يبقى كلامي هذا ملزما لي كفاعل جمعوي وثقافي ومن ساكنة ساحل أيت باعمران .

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك