الرئيسية » أغراس أغراس » منبر الأحرار »

الحريات الفنية أساس المجتمع الديموقراطي الحداثي … “نبيل عيوش” نموذجا

دواعش المغرب

الهجوم الذي شنه دواعش المغرب على فيلم “نبيل عيوش” وعلى الفنانة المغربية “لبنى أبيدار”، يعبر عن انفصام خطير في الشخصية المغربية، فبينما يريد الفيلم أن يقربنا عن ظواهر اجتماعية قديمة متجددة في المجتمع المغربي مثل الدعارة، وهي أقدم المهن في التاريخ التي استمرت وتطورت بتطور المجتمعات وتناولها  الفيلم  بكل واقعية وبدون اقنعة. جيش العديد من المتطرفين والمتزمتين سهام نقدهم للفيلم بدعوى أنه يحتوي مشاهد  خليعة وأنه يسئ للذوق العام، والحال أن معظم المنتقدين لم يروا الفيلم بعد واعتمدوا على قصاصات بعض الجرائد والمواقع للتهجم على الفيلم وعلى الفنانين المغاربة المشاركين فيه

1 بوبكريصلي ويسكر ويزكي

ومن يسمع هؤلاء المدافعين عن قيم المغاربة وذوقهم الإسلامي يذهب به التفكير  بعيدا إلى أن المجتمع المغربي، مجتمع أخلاقي  مئة بالمئة ومسلم بامتياز، وأن من شأن هذا الفيلم القصير أو مقال في جريدة مغمورة ومهجورة أن يفسد أخلاق المجتمع ويجعل المغاربة يصدوا وجوههم عن الاسلام وعن التقوى والايمان. فيما الحقيقة والواقع يقول بأن المجتمع المغربي من المجتمعات التي إسلامها على “قد الحال”  كما يقال بالدارجة المغربية، أي إسلام شعبي يحمل تناقضات كبيرة بين الممارسة والفعل، أي أن المغربي عموما يمكن أن يصلي ويسكر ويزكي ويذهب إلى الحج في نفس الوقت، ثم يعود من مكة مباشرة ليوزع الأموال في الانتخابات أو يترامى على أراضي الجماعات السلالية، أو يأكل ـموال اليتامى بالباطل، أو يمتهن تجارة المخدرات، في نفس الآن يتبجح بالإيمان والتقوى والصلاح.

يقطع يد السارق إذا سرق فقير خبزة

هذه المتناقضات موجودة ومعاشة ولا تشكل لدى المغاربة أي حرج. بل إذا صح أن نسمي هذا الخليط القيمي العجيب لدى المغاربة فيمكن أن نسميه بالاستثناء المغربي وأي استثناء؟ هذا يشبه إلى آمر آخر في بلدان أخرى عربية يقطع فيه يد السارق إذا سرق فقير  خبزة، من أجل سد رمقه فيقطع يده من المرفقين على رؤوس الاشهاد، وإذا سرق شيخ أو أمير بلدا بأسره بنفطه وغازه وثرواته يكرم ويبجل ويصبح من علية القوم، في بلد آخر تنشأ قنوات إعلامية متخصصة في الدين ونشر الوهابية وتفسير الأحلام، ونفس الأمراء ينشؤون قنوات الشطيح والرديح واستعراض الممتلكات البطنية لدى النساء. بلداننا بلدان التناقض ونصوصنا الدينية الجامدة والمتكلسة تشجع النفاق والسيكزوفرينيا.

الموروث الديني المضلل

الشعوب التي تستنسخ الماضي وتستنسخ التجارب الماضية القديمة العتيقة وتخضع لحكم الأموات، لا يمكن أن تتطور وتتقدم إلا بتحرير شعوبها عن الموروث الديني المضلل الذي ينتقص من المرأة ويعتبرها عورة وناقصة دين وعقل، ومن صلب ضلع أعوج إلى غير ذلك من الاعتبارات العنصرية التي يتم الاستناد إليها لإقصاء المرأة من منظومة الانتاج والعمل، وجعلها حبيسة أدراج المنزل ورهن استقلالها المالي والمصيري بالرجل المنفق العاقل القادر.

مواقع البورنوغرافيا

دواعش المجتمع المغربي يعارضون حقوق المرأة وعملها الفني والرياضي، وخروجها إلى العمل ونضالها  السياسي والحقوقي والجمعوي والنقابي خوفا على عفتها المزعومة، وعدم اختلاطها بالرجال. ولكن نفس المجتمع  يمارس التحرش كل يوم في شوارع المملكة ويتابع مواقع البورنوغرافيا على شبكة الانترنيت حتى أصبح من أكثر البلدان ارتيادا لهذه المواقع  متقدما على دول الغرب “الكافر” حسب احصائيات دولية ، ودواعش المجتمع المغربي الذين ينصبون انفسهم مدافعين عن مجتمع المروءة والاخلاق تراهم في طوابير كثيرة يرتادون جلسات المحاكم كمتهمين  في ملفات الاغتصابات والجرائم الجنسية واغلبها ضد القاصرين والقاصرات وضد زنا المحارم فيالها من عفة واخلاق.

المغاربة يحبون الممنوع

إن المجتمع المغربي وباقي المجتمعات المتخلفة بحاجة إلى ثورة جنسية حقيقية تضيق الطواطم والطابوهات وتصارح المجتمع بقضاياه الحقيقية للبحث عن حلول جذرية لها، فحل القضايا مرتبط أساسا بفهمها، والاعتراف بوجودها. ففيلم “نبيل عيوش” المثار حوله كل هذه الهجمة الاعلامية، (وان كانت ستنفعه لا محالة لأن المغاربة يحبون الممنوع ويسعون بكل الوسائل للحصول عليه)،  يجب أن يشكل أرضية لنقاش ظاهرة الدعارة بالمغرب، أسبابها وأنواعها وسبل معالجتها، ولكن ذلك يتطلب أولا الاعتراف بأنها أصبحت ظاهرة مؤسساتية وتدر العملة الصعبة ومن الصعب القضاء عليها بالنحيب والعويل والصراخ الفاضي، فهي ظاهرة متحكمة ومستحكمة وعرضانية تخترق المجتمع وتستحكم في مفاصيل عديدة، لابد من تفكيكها للتعاطي معها. إن على دواعش المجتمع المغربي أن يشجعوا الحريات الفنية والدينية ويطلقوا عنان الابداع والفكر، لأن  تشجيع واحتضان الفن والابداع والفكر المتنور، هو الذي سيقوي أخلاق ومناعة المجتمع ضد الاستبداد والتطرف والرداءة بكل أنواعها.

ثقافة القطيع

أوروبا المتقدمة اليوم لم تتحرر إلا بتحرير جسد وعقل المرأة من الاستغلال الكهنوتي والقطع مع الرأي الفقهي  والشرعي المزور الذي يعتبر  المهمة الوحيدة للمرأة هي الانجاب وتكثير سواد الامة، أي  ماكينة للخلف والعلف على حد قول الدكتور الأردني  المتنور، المرحوم “شاكر النابلسي. التراث المتخلف الذي يسيطر على عقول دواعشنا اليوم والمستند إلى أحاديث دينية وفتاوى غريبة عن الطبيعة الانسانية يجب أن يتم تفكيكه وتجاوزه، لنلج مجتمع الحداثة والديموقراطية وحقوق الانسان، فتحية تقدير لكل أعلام الفكر والفن والموسيقى والثقافة والإعلام الذين يناضلون يوميا ضد ثقافة القطيع والثقافة المزورة التي تريد اعتقال عقولنا وارجاعنا قرونا إلى الوراء باسم الاخلاق واحترام تقاليد الناس، فمتى كانت تقاليد المجتمع المتخلف مرجعا يجب احترامه؟.

بقلم: بوبكر انغير

مشاركة الخبر مع أصدقائك

تعليقات 7

  1. lmahfoud agourar: 2015/05/25 1

    نبيل عيوش له السبق في اثارة مجموعة من الاسئلة للنقاش . حسب تتبعي للدقائق المسربة للفيلم ارى ان الفيلم تطرق للدعارة القطاع الغير المهيكل في شقيها الشعبي والراقي والشذوذ والخمور والسياحة الجنسية بالمغرب من هنا ارى ان منظومتنا القانونية تعيش تناقض كبير مع ما هو معاش على ارض الواقع . الحانات رخص لها لغير المسلمين والمسلمون هم المستهلكون العلب الليلية حدث ولا حرج السباحة الجنسية امر واقع الشذوذ دانيال …
    الفيلم سيبث فقط في قاعات السينما من أراد مشاهدته فليذهب ومن لا يريد فلا يفعل
    ردود الأفعال حول الفيلم وكأنكم مجبرون على مشاهدته
    لو كان المغاربة حقا ضد هذا النوع من الأفلام لما تجرأ المخرج على إنتاجه لأنه لن يربح منه شيء
    لكنني متأكد أن قاعات العرض ستكون ممتلئة كما هو الحال بمهرجان موازين
    وآخرون سينتظرون بلهفة مشاهدته على يوتوب سرا حتى لا يفضح أمرهم
    راه هادشي لي كاين واخا مغاتفقوش معايا

  2. سيفاو امازيغ: 2015/05/31 2

    مع احترامي للسيد المحفوظ ، فإن تناول الدعارة فنيا يحتاج الى جرأة سياسية وليس الى مجرد ” واش كاتديري 8 بالترمة”، لأن الدعارة في المغرب محمية سلطويا ، ومنتوج سياسي ( من رخص بماخور طانطان ولماذا في السبعينيات؟كمثال)، وكمنتوج يتجاوز فهم السيد عيوش الذي تعامل معه بسطحية شديدة جدا، بحيث أن هنالك شبكة تستفيد منها ، وإلا كيف نفسر ترحيل مواطن خليجي بمجرد تدخل الأمن في وكر سري للدعارة بالمغرب دون خضوعه للقانون الذي يطبق فقط على الضحايا من العاهرات اللواتي يلقى القبض عليهن معه؟ هذه هي الزاوية التي كنا ننتظر من مخرج سينمائي ان يتجرأ ويناقش عبرها هذا الملف ، ثم ، يعود للماضي ويقرأ كيف عوقب رجال الدين الذين استنكروا ان يكون مولاي اسماعيل مفرطا في الإماء والفساد الجنسي الى درجة قتل بعضهم ، مما يعني أننا في العمق لا ننظر للدعارة كما نظر اليها السيد بوبكر في سطحيتها وكانها ناتجة عن فقر او ما شابه ذلك من التحليل الغير موضوعي الذي انزلق إليه بكل أسف، بقدرما ننظر إليها كنتيجة استعباد من قبل طبقة نافذة ( قصة خربوشة والقايد العيادي نموذجا، وقائع من سيرة الباشا الكلاوي، وغيرها )، وبالتالي اعتبار المغاربة المختلفين في الرأي مع بوبكر بمثابة دواعش مراهقة سياسية إسقاطية ، تنم عن فكر إقصائي ( انا أو الطوفان)…
    وعودة للسي المحفوظ ، اتفق معك في بعض ما كتبت ، لكن ، ما رأيك في جملة وردت على لسان بطلة الفيلم معناها : السواعدة ناكحو الفروج المغربية ” بتعميم فج ، وكأـن كل أمهات المغاربة وبناتهن عاهرات ؟ هل تتقبل مثل هذا التوصيف ؟ ثم ، في السينما ، يجب دائما التساؤل عن مصدر تمويل الفيلم …وحين ستبحث وتعرف من مول لعيوش فيلمه، آنذاك يمكن أن تقهم الكثير من الامور الاخرى…
    الدعارة ليست في حد ذاتها قضية تخيف ، بل ، طريقة التناول، دون رؤية ابداعية اصلا هي كارثة عيوش، وليعذرنا السي بوبكر ان كان يلخص الحداثة في الكشف عن المؤخرات فقط ، فهي فكر قبل ان تكون متجلية في اجساد، وإلا فليعتبر شعب البوشمان حداثيا إذن؟ ( نحيله ان كان يجهل بهذا الشعب على فيلم les dieux sont tombés sur la tete)….

  3. حماد تيوغزة: 2015/05/31 3

    اتحدى السيد كاتب المقال ، وبكل صدق وتواضع، ان ينشر صورة لمؤخرته عارية ، إن كان فعلا يؤمن بما يقول من ضرورة تحرير الجسد لتحقيق الحداثة، ارجو صادقا أن يعطينا دليلا ماديا بدل الجمل ، فإن كان لا يرى لنفسه عقدة مع جسده كمتنور ، وكمتجاوز ” للموروث الذيني المضلل”، وكغير منتم ” لدواعش” ..و…و… أن يأتي برهانه إن كان من الصادقين ، وأمام جميع قراء هذا الموقع اجدد التحدي ، فإن فعل ما فعله الممثل سعيد باي في فيلم الزيرو، ونشر صورة مؤخرته التي واضح انها ستكون مكتنزة ، في هذا الموقع ، فسنصدق انه فيلسوف الامازيغ الحداثي، وإلا فلا يجدر به ان يطبق هنا قولة القط ” سووف هلي ، ربي ءايتماغن “..وارجو ان لايقرأ تعقيبي كما يقرأه ” دواعش المغرب”، بل بعين المتحضر الذي يؤمن بالعقلانية والحداثة وتحرير الجسد ، وإلا فليعلم أنه في حال العجز عن التحدي ، مجرد واحد من الدواعش…توكل على الله …باسم الله…

  4. lmahfoud agourar: 2015/05/31 4

    وبالله عليك يا اخي سيفاو امازيغ:
    ما الفرق بين فيلم عيوش ومهرجان موازين
    الشعب المغربي يريد أن يشاهد هذه المشاهد،لأنه يعاني جميع انواع القهر.جينيفير لوبيز مغنية أمريكية أ تريد أن تغني بالخمار،أ كنتم تظنون أنها ستدخل بلباس محتشم؟هههه لا أظن ذلك ،الشعب المغربي يريد أن يشاهد جينيفر لوبيز و شاكيرا و نيكي ميناج لأنه اختنق بالكبت الاجتماعي و العاطفي و تريدونه أن يكبت جنسيا أيضا ،و من يريد أن لا يشاهد متل هاته المشاهد عليه أن يدفع طلب لاستضافة طيور الجنة في موازين أو يسمع امداح عبد الهادي بالخياط، و من يقول أن المغرب دولة إسلامية ،فأنا أشك في ذلك،اهناك دولة إسلامية يقوم شعبها بالسكر في شعبان،أو إنتاج افلام خليعة، اهناك دولة إسلامية نسبة السياحة الجنسية تفوق نسبة البطالة.

  5. سيفاو امازيغ: 2015/06/01 5

    اعطني دليلا على مصداقية حكمك ” الشعب المغربي يريد مشاهدة جنيفير لوبيز وشاكيرا” ؟ هل قمت باستفتاء لكي تعمم وتقول انها ارادة الشعب ؟ اجب صديقي، وبعدها نتابع النقاش بكل هدوء…وأكد لنا أن الجمعية المنظمة لموازين تستشير رغبات المغاربة ؟ فسنكون شاكرين لك المعلومة..

  6. lmahfoud agourar: 2015/06/01 6

    اخي سيفاو امازيغ أكبر رد على من يطالبون بوقف تنظيم المهرجان الحضور قياسي كثر من مباراة ديربي الدار البيضاء راه هدا هو المغرب منبقاوش نكدبو على راسنا هذه هي ميزة المغرب ، تكلم واترك غيرك يتكلم ،تكلم واترك غيرك يصرخ، تكلم واترك غيرك ينبح ، لأن هذا هو أساس الإستقرار والا نفتاح على جميع الثقافات
    المرجوا من الذين لايحبون مشاهدة هدا عدم الذهاب للحفل وعدم المشاهده عبر التلفاز والأنترنيت بكل بساطة،والكل حر في أفكاره.

  7. سيفاو امازيغ: 2015/06/02 7

    للاسف هربت من الجواب عن سؤالي، ولم تقدم دليلا على حكم اصدرته عن المغاربة، وهذا مايسمى في الحجاج القياس الفاسد المبني على الاهواء، وعبارة ” مانبقاو نكدبو على راسنا” اضافة اخرى لنفس الطريقة، فانت تطالبني مثلا ان اترك غيري يتكلم و…و… وانت في جملتك تتحدث مرة اخرى بلسان الجمع ؟؟ ما هذا التناقض؟ اترك انا غيري..وتتكلم مرة اخرى بضمير الجمع ؟..انا فقط اردت مناقشة تعليقك علميا ليستفيد المتتبع لحوارنا، لكن بكل أسف تعمم الاحكام وكأنك واثق منها دون استناد على preuve a l”appui

أكتب تعليقك