الرئيسية » ملفات » ربورتاجات »

تقرير حول قرار توقيف وزارة “الداخلية” كل أعضاء المجلس الجماعي بـ”سيدي إفني”

لم يكن لأحد أن يأتي على ذكر تلك الجماعة القروية الضئيلة المستقرة بقلب “سوس”، والمسماة “تيوغزة”، لولا قرار مثير للانتباه صادر عن وزارة الداخلية، يقضي بتوقيف أعضاء هذه الجماعة لمدة ثلاثة أشهر كاملة، وإيكال مهمة تسييرها للقائد وبضعة أعيان. القرار جاء عقب تعرض جماعة “تيوغزة” لوعكة خلافات حادة، لم تفلح فترة النقاهة التي امتدت لثلاثة أشهر في تخفيفها، والسبب تفاصيل غريبة جدا تطالعونها في الجزء الثاني من الربورتاج التالي:

للاطلاع على الجزء الأول، أنقر هنا

مقر الجماعة قبالة ساحة “الطاكسيات”، بجواره المسجد. عند المدخل المؤدي لبوابة الجماعة، رقد مشرد بملابس رثة وشعر أشعث. الموظفون داخل الجماعة يتحدثون أيضا عن انتخابات “سيدي إفني” بعد بضع ساعات من إعلان نتائجها. ليس لرئيس الجماعة مكتب، لذلك استقبلنا في قاعة الاجتماعات، التي يلتقي فيها السكان ويوقع داخلها القرارات. كان منهمكا في توقيع عدة قرارات تخص صفقات ومصاريف الجماعة.

اسمه “الحسن المقدم”، لم يجاوز الأربعين، من أبناء المنطقة. بدا عليه إنهاك وهو يتحدث عن وضع الجماعة التي أوقف، قبل شهور، رفقة أعضائها كلهم. “بالجماعة 15 عضوا، الانتخابات أفرزت صعود اثنين من التقدم والاشتراكية، وآخرين من الاتحاد الاشتراكي، وخمسة من الأحرار وستة من الأصالة والمعاصرة. في النهاية اخترت (عن التقدم والاشتراكية) لرئاسة المجلس الجماعي، وكان النائب الأول من الأحرار، أما الثاني فهو من الأصالة والمعاصرة بينما الثالث والرابع فهما من التجمع الوطني للأحرار، وكاتب المجلس من الأصالة والمعاصرة. بقية أعضاء “البام” و”الأحرار” فضلا عن “الاتحاد الاشتراكي”، قرروا الانضمام إلى المعارضة»، يقول “المقدم”، رئيس جماعة “تيوغزة”.tyoughra

حدث هذا المخاض خلال سبعة أيام أعقبت الانتخابات الجماعية لـ2009. كانت الالتزامات المفترضة تقضي بغير التشكيلة الحالية للمجلس. في النهاية، ولاعتبارات عدة، ولد المجلس الجماعي لـ”تيوغزة” بعيوب خلقية ظاهرة، أبرز أعراضها وجود أشخاص من الانتماءات السياسية نفسها في الأغلبية والمعارضة.

في النهاية، لم يسير جماعة “تيوغزة” سوى ثلاثة أو أربعة أعضاء. وثائق الحضور الخاصة بدورات المجلس تكشف غياب عدد من المستشارين على نحو واضح. الدورات لم تعد تنعقد بسبب عدم حضور الأعضاء، وبعض الدورات انعقدت بحضور أربعة أعضاء فقط. “لا يمكنني لوحدي تسيير الجماعة وتدبير ميزانية 480 مليون سنتيم، مهما تكن هناك نية حسنة، فالقانون لا يعترف بالنية الصالحة. يجب مراجعة الميثاق الجماعي بتكريس أدوار واضحة للأعضاء. في الحقيقة، لا يجب محاكمة رؤساء الجماعات الذي يسقطون في أخطاء إدارية ومسطرية..”، يقول رئيس الجماعة، بنبرة محتقنة وهو منهمك في التوقيع على وثائق.

الطريق نحو المجهول

أزمة مجلس “تيوغزة”، حسب رئيس جماعتها، تفاقمت عقب الانتخابات البرلمانية في سنة 2011. فشل النائب الأول في الانتخابات، فأحدث ذلك ردود أفعال انتهت باستقالة 7 أعضاء من مهامهم داخل الجماعة. “لم تكن أمور الجماعة تسير على ما يرام بسبب الخلافات.. كلما اقترحت مشروعا إلا واعترض أعضاء بدعوى أنني سأستغل ذلك لأغراض انتخابية. أعددنا دراسة لإنشاء قنطرة وعندما أردنا برمجة ميزانية لإنشائها، اعترض أعضاء بمبرر أن منزلي يوجد بالدوار الذي من المفترض أن تصله القنطرة. كان أعضاء يفرضون مرور دورات المجلس بشكل سري، دون حضور السكان، لرفض المشاريع. كيف يعقل أن تدعو المعارضة إلى عقد دورات سرية إذا كانت تتهمني بخروقات وقدمت شكاية لوكيل الملك”؟، يردف رئيس الجماعة متسائلا.

في ظل هذه الأجواء المحتقنة، لم تبرمج ميزانية سنة 2013، لهذا قررت الداخلية توقيف أعضاء المجلس الجماعي كلهم. لمدة ثلاثة أشهر لم يدخل عضو مقر الجماعة التي كانت تسير من طرف لجنة يرأسها القائد، وتضم الكاتب العام للجماعة وأربعة أعيان. لم تبرمج أية مشاريع خلال هذه الفترة كلها، بل فقدت الجماعة حافلتين إحداهما للنقل المدرسي، كان يفترض أن تتسلمها لولا الشلل الذي حصل بالجماعة.
مرت فترة التوثيق بتثاقل، رجع أعضاء الجماعة من جديد، لكن الوضع ظل متأزما كما كان الحال من قبل، لم يسعف القرار في رأب الصدع. إلى حدود الآن لم يبرمج فائض ميزانية 2014، مشاريع كثيرة متوقفة منذ زمن، ضمنها مشروع بناء فضاء خاص بالشباب
.
في الضفة الأخرى، حيث يوجد معارضو رئيس جماعة “تيوغزة”، يظهر رأي آخر. هؤلاء يحملون الرئيس مسؤولية ما يعتبرونه شللا بالجماعة.

“العربي أقسام”، النائب الأول لرئيس الجماعة، يوضح الأمر بقوله: “في الحقيقة، خاب ظننا في رئيس الجماعة الذي أوقفناه نحن على رجليه، قبل أن ينقلب علينا لأسباب غير مقبولة. إنه يسير الجماعة لوحده ولا يريد أن يشرك معه أحدا، ونتوفر على وثائق، ضمنها التزام وقعه بيده، يقر فيها بتشكيل لجنة لتسيير الجماعة، لكنه لم يحترم هذا الالتزام. توسمنا فيه خيرا لكنه استبد برأيه واتخذ الجماعة متجرا ثانيا له يتصرف فيها بدون التوفر على مخطط تنموي”.

لكن، ما رد المعارضة على اتهام الرئيس لهم بعدم الاهتمام بأمور الجماعة؟ “أقسام” أجاب عن هذا السؤال قائلا: “تبين أن الرئيس يسخر إمكانيات الجماعة لأغراض انتخابية، ويوزع الإسمنت حسب هواه، في مقابل تعامله الجاف مع أعضاء الجماعة، إلى درجة أنه لا يصرف لهم التأمين الإجباري. نحن نحضر الدورات وأشغال اللجان، ولكن المشكل في الميثاق الجماعي الذي يتسبب في هذا الفراغ. لم يسلمنا رئيس الجماعة تقارير المجلس الجهوي للحسابات الذي أعد حول الجماعة، علما أن تقريرا سابقا للجنة من الداخلية أعد بشأن تسييره للجماعة”.

نائب رئيس جماعة “تيوغزة” الذي تحول للمعارضة يقر، في الوقت ذاته، بحالة النشاز السياسي التي تشهدها الجماعة، لكنه يحمل رئيسها جزءا من هذا المشكل. في هذا الصدد يقول: “لم نأخذ، حين تشكيل المجلس الجماعي، الانتماء الحزبي بالاعتبار. نحن نتعامل مع الأشخاص، وحتى رئيس الجماعة بدوره يظهر مرة أنه من “التقدم والاشتراكية” ومرة من “الأحرار”، وقد ساند “العدالة والتنمية” في الانتخابات الجزئية بـ”سيدي إفني”. اخترناه لأنه شاب، لكنه خيب ظننا”.

بدا، من خلال كيفية تدبير خلافات جماعة “تيوغزة”، أنها ماضية صوب المجهول، في انتظار قرار ثان من الداخلية التي ينظر مسؤولوها، على الأرجح، إليها بعين حمراء ساخطة.

تِـغِيـرْتْ نْـيُوزْ” عن “الأخبار” – سيدي إفني

 

مشاركة الخبر مع أصدقائك

تعليق واحد

  1. يامنة تسملالت: 2014/05/16 1

    واش العربي اقسام مازال كايهضر؟ حتى يفك حريرة الارض للي تعطات لبناء مدرسة ودار ليها بيسوتليهي، والملف كاين فالقضاء ، عاد يجي يتكلم. للي ما عندو عرض ءيحشم عليه مشكلة. جراو عليه فتيغيرت فالحملة، وضيع مصالح الناس وباقي كايهضر؟
    بالسيف تكون تيوغزة ملعونة إلا كان داك المخلوق فالمجلس الجماعي ديالها ، صحيح قاري ومكون، ولكن مخلوض صحيح ، الله يعفو عليه…

أكتب تعليقك