الرئيسية » أغراس أغراس »

مهزلة انتخاب “سيدي إفني” الجزئية حيث تملأ فيه الصناديق “بالعلالي “

مرة أخرى، هناك من اختار إقليم “سيدي إفني”، لإعطاء إشارات ورسائل لمن يهمهم الأمر، ولكي يطل الشعب على همومه ولو بغوغائية السياسويون بالإقليم، أصحاب التعليمات يتحركون بـ”التيلكوموند”، المهم هو، أن يظهر مثل هؤلاء وبالمناسبة خلف الوجه المحجب “masque لحكومة طالما أنتجت هي الأخرى الغوغائية والثرثرة دون أن تحارب الفساد ولا أن تشجع الاستثمار ولا…

لكن هؤلاء الزائرون لإقليم “سيدي إفني” يبدو على محياهم الرعب وهم يرتعشون وفضل بعضهم مصاحبة فرق أمنية خاصة، تحسبا لأحجار طائشة أو مكروه إلى قدر الله قد يعيد الكرة لما حصل للوزير “نبيل بن عبد الله” بإقليم “أسا”. هؤلاء الدين أصابتهم “الرعدة” والارتعاش يعلمون علم اليقين، أن الشعب لم يعد يستحمل أكاذيبهم، فالتاريخ لا يكذب، فالصور المتلاحقة والرديئة عن عمل الحكومات السابقة لا تحتاج إلى تزيين، كما أن للاحقة منها كانت عرضة للتشويه وفقدان الثقة، وما مهزلة “سيدي إفني”، خير دليل على ذلك.sidi ifni

إعادة انتخاب مقعد “سيدي إفني”، وإن لم تحتج الساكنة بالقوة المعهودة، وهي التي صوتت على إبنها المعتقل على خلفية أحداث ما بات يعرف بـ”السبت الأسود” 2007، ولا هو أيضا بادر هذا الابن “البار” أيضا بإجراء أو التعبير عن سلوك امتعاض، إنما اكتفى بالصمت وبإعادة انتخاب ابن عمه أمام صندوق الانتخاب لكي يجرب حظه للمرة الثانية، رغم أن الاحتفاظ بالاسم العائلي يطرح أسئلة ويجب عن أوهام التفاؤل بمستقبل أفضل للنسب وللبلدة وهل حقا يريد أكثر من ذلك؟

منذ سنتين على الأرجح كان الابن “البار”، أشبه برمز من رموز قبيلة “أيت الخمس”، وكنا نتذكر كيف استقبلته قبيلته بعد خروجه من السجن، وهناك من الصحراء من أقدم على إهدائه الفرس، بل جوادا أصيلا شكل امتطائه عقدة للسلطات، وفي سابقة من نوعها تحركت الهواتف والتعليمات ألا يمتطي هذا الابن “البار” صهوة الجواد رمز “البارود” وحتى لا يقلد في سلوكه هذا فرسان “السلاطين”.

هذه الهدية “الورطة” جعلت “المخزن”، يخطط لخريطة طريق ينهي بها مشوار تنظيم “حزب أركانة” الذي أدى مهمته في تفكيك السكرتارية المحلية، وبعثر الأوراق، واختلطت الأمور وارتبك رفاق الأمس وأصبحوا، “عمي لا يقشعون”، وتصدعت صفوفهم فتحول الصديق إلى أشد الأعداء، واستطاع “المخزن” أن يفك لغز وحدة القبيلة وصمودها للتحول تلك اللحمة المحلية التي اقتصرت على “سيدي إفني” إلى طين هش، وتبين عند الرفاق، والمناضلين، أن درس “قوالب المخزن” لم يستوعبوه كثيرا، فكان إعلان نهاية المسرحية يوم خروج إعلامي لرفاق الأمس يضرب بعضهم البعض، إعلانا بموت لحمة ظلت صلبة سرعان ما تلاشت بفعل غياب الوعي السياسي والبحث عن المطامح الشخصية. ولكل هذه الأسباب نتسأل.

لماذا اختاروا مدينة “سيدي إفني” مرة أخرى؟، لماذا إعادة الانتخاب في هذا الوقت بالتحديد؟، ألا يعتبر هذا الإجراء تعسفا ضد ممثل نشيط على قبة البرلمان، طرح أسئلة باسم “سيدي إفني”، وطالب بتغيير القوانين الفرنسية، التي تتعامل بها الدولة المغربية في نزع أراضي السكان؟، ألم يكن يعلم البرلماني النشيط أن تواجده في حزب “العدالة والتنمية” كان برغماتيا ومؤقتا، وأن حمله المسؤولية لحكومته في أحداث “لانزروطي” سيجر عليه الويل ويفقده مقعده؟، وما زاد الطين بلة أن هذا “ألخمسي” يخوض بكل شجاعة في أمور “مافيا العقار”، وهو لا يدري أن موضوع هذه المافيا كان موازيا مع قضية الاستيلاء على أراضي المعمريين بالدار البيضاء، أما أراضي بلدته، فحدث ولا حرج، وأن بحث فيها لوجد المصائب نفسها.

لماذا إذن ، ننظم انتخابات برلمانية في “سيدي إفني” في مسرحية هزلية؟، ولماذا ننتقد انتخابات لرئيس مريض وعلى كرسي متحرك، وفي بلد تملأ فيه الصناديق “بالعلالي”، وحكاية الصندوق هذا لم تسلم منها فرقة “أملوا” بجماعة “مستي”، كأن لعنة “آيت إعزا ويهدا” تلاحق “محمد بن نبيل بن عبدالله”، ففي منطقة “أملوا” أعتقل منسق حزبه، ومن الصدف أن ساكنتها أيضا من أصول “أسا” المنطقة التي أصيب فيها بحجرة طائشة.

ليس هناك شيء يستحق أن يكون حدثا أو فوزا انتخابيا في “سيدي إفني”، لأن كل الترتيبات أعدت سلفا، وبطرق شبيهة بانتخابات الستينات من القرن الماضي، تعيد بنا إلى نظام مغلق وكيف تملأ الصناديق الخشبية على مقاس السلطة. ألم تسمعوا أن نسبة المشاركة في انتخابات “سيدي إفني” هزيلة، وعن “فتوى” ساكنة “آيت باعمران” بوجوب المقاطعة. ربما درس سيفهمه كل المغاربة وهو أكبر مشكل. فخلافات بين أحزاب سياسية، زعماؤها يدعون أنهم يشتكون من ميثاق الأخلاق، وأخرون يتكتلون ويفندون تلك الهرطقة في توهيم الشعب بوجود المعارضة والحكومة، وأبانوا على أن القادم بعد مهزلة “سيدي إفني” سيكون لا محالة تعليمات السلطة وترتيباتها، وأن لا مكانة لمفهوم الحزب السياسي الذي يسعى إلى بناء مشروع مجتمعي أساسه دولة المؤسسات.

لقد انتهت اللعبة، وصبر ساكنة إقليم “سيدي إفني” أزيد من سبعون سنة خلف التهميش والحكرة، فصبر هؤلاء مرة أخرى لحكومة تمشي بسرعة السلحفاة، وتبيع الأوهام للفقراء ..

“سيدي إفني” ليست اللانموذج للأقاليم المغربية، ومعاناة ساكنتها، فالبلاد كلها مريضة بالفساد، والقسط الأكبر يحصل في “سيدي إفني”، الظلم منتشر في نطاق واسع، سوء التسيير الإداري والشأن المحلي، تسلط مؤسسات الدولة مازالت محسوبة على إقليم “تزنيت”، إنها الكارثة حقا، اغتصاب الأراضي وغيرها من الأشكال الدنيئة التي تزيد من الحكرة واللامبالاة. أما النظام الانتخابي، على شاكلة ما رأيناه مرة أخرى بـ”سيدي إفني” دخل في غرفة الإنعاش كما لو أننا عدنا بسنوات مضت وطويلة ببؤسها وجبروتها على المغاربة.

وحتى نكون موضوعين فالشعب قد صبر وحتى عندما اندلعت نيران الربيع “العربي” فان فقراء هذا الشعب اختاروا الصبر، رغم كل الأزمات، لكن اليوم كما يقال من الحكمة، أن ندرك أن للصبر حدود، كما أن من الحكمة المغربية أيضا أن نتدارك قبل فوات الأوان أن “مول الصبر كيضبر”. مهزلة “سيدي إفني”، كافية للجزم بأن حليمة عادت إلى عهدها المألوف أما الباقي فمجرد تفاصيل وخلافات بين أبناء البلدة المنسية.

بقلم الكاتب: عمر افضن

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك