الرئيسية » أغراس أغراس » كلشي باين »

“إمجاط” والانتخابات الجزئية والحقيقة الضائعة

يُحكى أن ذات مرة، ومع اقتراب موعد للانتخابات، دق أحد المرشحين باب منزل مواطن طاعن في السن، ما إن فتح باب منزل هذا المواطن إلا وتفاجأ بشخصية هامة ومهمة هي من دقت الباب، مد المرشح يده في جيبه وأخرج ورقة نقدية من فئة 200 درهم ومدها للمواطن الذي يُـعتبر في نظر المرشح مجرد صوت انتخابي ورقم يوم الاقتراع.ifni

قال الشيخ الذي بلغ من الكبر ما بلغ والذي يبدوا من حالته الاجتماعية أنه في وضعية فقر مدقع، لما هذه الورقة النقدية سيدي المرشح؟، رد هذا الأخير أن هذه الورقة النقدية الـ200 درهم لك يا شيخ مقابل صوتك يوم الاقتراع. رد المواطن من جديد أنه ليس بحاجة إلى هذه الورقة النقدية، بل يحتاج إلى حمار يتسوق به ويحرث به أرضه ويحمل به متاعه.

لم يرفض المرشح طلب الشيخ ما دام لم يطلب إلا أن يشتري له حمارا مقابل صوته، وتسوق المرشح لشراء الحمار ووجد أن ارخص الحمير ثمنه ما بين 1500 درهم و2000 درهم، تجول في السوق الأسبوعي شرقا وجنوبا، غربا وشمالا وعاد إلى دوار الشيخ الذي طلب الحمار بدون حمار، ودق الباب مجددا وحمل معه خبرا مؤسفا.

الخبر كان أن أرخص الحمير بلغ ثمنه 1500 درهم واقترح مجددا على الشيخ المواطن أن يضيف له ورقة نقدية ثانية من فئة 200 درهم ليكون المبلغ الذي سيمنحه له مقابل صوته يوم الاقتراع 400 درهم، لأن ثمن الحمير بهيض جدا وأغلى بكثير، سكت الشيح لحظات قليلة ورد عليه بكلمتين تحملان أكثر من معنى قائلا: “معذرة سيدي المرشح، لن أرضى لنفسي أن يكون الحمار أغلى مني”.

لا يهم إن كانت الحكاية واقعية أم هي مُخترعة لغاية إبلاغ رسالة إلى ذوي الضمائر الميتة، لكن الحكاية تنطبق عن ما شهدته منطقتنا الغالية والمنسية والمهمشة، منطقة قيادتي “تيغيرت” و”إبضر” بإقليم “سيدي إفني” الجديد، حيث نسمع هنا وهناك فلان صوت لصالح علان مقابل 100 درهم، وفلان لعلان مقابل 50 درهم.

لن أقارن المواطن هذه المرة بالحمير كما فعل الشيخ، لكن يكفي أن نعلم كثيرا أن ثمن بيع أو شراء “لـْفْرُّوجْ البلدي” يصل أحيانا إلى 150 درهم لا يزين أكثر من كيلوغرمين، في حين أن البشر يباع ويُشترى في هذه البلدة مقابل 100 درهم وأقل بكثير أحيانا، وخير دليل ما شهده أحد دواوير جماعة “إبضر” من اعتقال تاجر ومحضر الدرك الملكي يشير إلى أن المتهم اعتقل في حالة تلبس.

بدورنا في “تِـغِيـرْتْ نْـيُوزْ” لا نتهم أحد المرشحين بالفساد الانتخابي، لأن المتهم برئ إلى أن تبتث إدانته، والقضاء وحده من له الحق في الكشف عن الحقائق في هذه النازلة، لكن ما تداوله الرأي العام المحلي واعتراف البعض بحصوله على كعكة انتخابية يوضح بالملموس أن رجال ونساء “إمجاط” لا زالوا مجرد بضاعة انتخابية يتسوق بهم سماسرة الانتخابات في كل سوق وموسم انتخابي.

ساكنة “إمجاط” الآن تفتقر إلى أبسط شروط الحياة والعيش الكريم، لا صحة ولا تعليم، لا طرقات ولا مراكز التكوين، لا لوجود لإدارة نزيهة إلا من رحم ربي، ولكل مرة تتيح لهم فرصة اختيار رجل مناسب للمكان المناسب، يتم بيع أنفسهم ومستقبل قبيلتهم للآخرين بورقة نقدية 200 درهم أو أقل بكثير في أحينا كثيرة، وفي الأخير ينادون أن لا صحة ولا تعليم ولا “زمر”.

بقلم الكاتب: سعـيد الـكَرتاح – “تِـغِيـرْتْ نْـيُوزْ”

للتواصل مع الكاتب: www.facebook.com/lgartah

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك