الرئيسية » سياسة ومجتمع »

سيدي “مْحْمْدْ بْنْ يِدِيرْ” .. الوالي الصالح والعالم الجليل الذي ألف بين قلوب المجاطيين

قبيلة “إمجاط” (ضواحي تيزنيت) المعروفة بجوها الساحر ومنظرها الجميل، تتواجد المنطقة على كتلة من الجبال المرتفعة المتميزة، لا تفصلها إلا 90 كيلومترا تقريبا أو ما يزيد عن القطب الحضاري لمدينة “تيزنيت”، ورغم قلة كثافتها السكانية قديما لكن مع مرور الزمان عرفت المنطقة تطورا ديمغرافيا مهما وذلك راجع لعدة أسباب، أهمها أن بعد تعرض ثلة من السكان الأصليين بالمنطقة  للسرقة والنهب والعدوان من طرف ما يسمى “ايت حربيل” قديما وكذلك ما تتعرض له الطوائف الدعوية الصوفية من أداء مهمتها الدينية التي تكمن في نشر تعاليم الدين الإسلامي بالمنطقة من طرف شر هؤلاء “الحربيليين”.

 مواجهة شر “الحربيليين”

الأمر الذي جعل “أحمد بن موسى” الموجود ضريحه بـ”تازروالت” رحمه الله غير مكتوف الأيادي وأبى إلا أن يأتي بمجموعة من الرجال من مراكش أو من الصويرة  حسب الروايات ليشكل منهم درعا بشريا لمواجهة شر هؤلاء “الحربيليين” لبيان حقيقة هذه العصابة من الناس ولإرجاع الأمور إلى نصابها ووضع الأشياء في محلها. وبعد أن تمت المهمة بشكل كامل سكن هؤلاء الحماة بالمنطقة وحافظوا على أمنها واستقرارها، وتزوجوا بها وتكاثروا بعدها عرفت المنطقة توسعا مجاليا وحضاريا مهما وانتشرت الطرق الصوفية الدعوية لتواصل سيرها وعملها على النحو المعتاد.

الشيخ وفطنته في العلمga

 بعد هذه النقط الأولية عموما حول المنطقة سأركز بالتحديد على تناول الشخصية التي هي موضوع بحثنا الذي هو في حد ذاته عبارة عن ثقافة عامة ليس إلا. فنظرا لقوة هذا الشيخ وفطنته في العلم وحنكته في حل المشاكل لابد أن نلقي نظرة حول شخصيته رحمة الله وبركاته عليه.

من الجدير بالذكر أن الإيمان الحق يدفع إلي السلوك المستقيم حيث جاء الإنسان إلى الحياة ومعه فطرة نقية فهيأت لقبول الحق وكل تغير لنقاء هذه الفطرة وصفائها ما هو إلا تشويه لشخصية الإنسان المسلم الذي ينبغي أن يتجه اتجاها مستقيما لا عوج فيه وهو الاتجاه نحو الله تعالى والاستسلام له والاستعانة منه في كل أمور وشجون الحياة وتتأسس شخصية المسلم بالأسوة الحسنة وبالعلم الذي يكشف له طريق الحق والخير وينير له مسالك الحياة، لأن هذه هي خصائص الإنسان العاقل المكلف الرشيد.

 شخصية لا تذوب في أي بيئة تعيش فيها 

هي شخصية متميزة بسلوكها تقف عند حدود الإسلام وشرائعه عبادة ومعاملة وأخلاقا تقرا كتاب الإسلام في أخلاقه وسلوكه، شخصية لا تذوب في أي بيئة تعيش فيها إنها شخصية تؤثر في غيرها “فالحكمة ضالة المسلم أنى وجدها فهو أولى بها” كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن الأساس الأول لشخصية المسلم هو الأسوة الحسنة فقد كان الشيخ رحمه الله ملازما لزميله “سيدي احمد بن موسى” الموجود ضريحه بـ”تازروالت” مدة طويلة كما كان مصاحبا للأولياء وعلماء ذلك الزمان فكان الشيخ “مْحْمْدْ بْنْ يِدِيرْ” رحمه الله معروفا بالعلم والورع وإطفاء النائرات بين الناس وإصلاح ما بينهم من نزاعات وخصومات فكان ذلك من بين الأسباب التي أدت إلى تواجده بالمنطقة فلم يكن اختيار المنطقة التي بنيت فيها المدرسة اعتباطيا.

النزاع بين القبيلتين من اجل الاستحواذ

فمنطقة “تغلولوا” (جماعة إبضر) عامة تقع بين قبيلتين كبيرتين من حيث المساحة الجغرافية والكثافة السكانية، ألا وهما قبيلة “إمجاط” الكبرى وقبيلة “إدا كوكمار”، فكان النزاع بين القبيلتين من أجل الاستحواذ على هذه المنطقة الغنية بمواردها المائية وخيراتها في ذلك الوقت الذي كثر فيه الفقر والمجاعة وندرة المياه. تتوفر هذه المنطقة على ثلاث نقط مائية مهمة “أسكا” و”تاركا” “تنزار”، أما المكان الذي بنيت فيه المدرسة فتقع في نقطة استراتيجية فهي بمحادة “تاركا ن الشيخ” التي توجد بها أرض خصبة صالحة للزراعة ومحاطة كذلك بجبال للرعي.

كل هذه الأمور أدت إلى استقرار الشيخ بالمنطقة بأمر من “أحمد بن موسى” نظرا لما رآه من قدرته على توثيق العلاقات الإنسانية والاجتماعية والعفو عند المقدرة وغير ذلك من السمات، فهذه أمانة تركها بين يديه الشيخ “احمد بن موسى” رحمهما الله أجمعين، وخلال تواجد هذا الأخير بالمنطقة قام بإصلاحات كبيرة وألف بين قلوب المتنازعين فالتف حوله الناس لحبهم وإعجابهم به.

الفصل في الخلافات بالتشاور والتراضي

كان الشيخ “مْحْمْدْ بْنْ يِدِيرْ” يعقد اجتماعات بمسجده يجتمع الأعيان وممثلي المناطق للفصل في الخلافات بالتشاور والتراضي وتقام الأفراح إثر كل حل لخلاف معين يقول “المختار السوسي” في حديثه عن الشيخ “مْحْمْدْ بْنْ يِدِيرْ”  في كتابه  (خلال جزولة) ويؤثر عنه كل ما يؤثر عن صوفية ذلك العصر المتموح بالصوفية وهو الذي وقف حتى صفى تركة الشيخ “أحمد بن موسى” بين أولاده ولعل ذلك خير دليل على أنه عالم لأنه لا يتصدر لمثل ذلك عادة إلا من له باع في العلم ومقدرة على تصفية الفرائض”.

زوجة الشيخ

واختار الشيخ “مْحْمْدْ بْنْ يِدِيرْ”  أن يتزوج بابنة المنطقة بدوار يسمى حاليا “إسكوار نْباقا” هذا المكان الذي يشكل نقطة قريبة للمدرسة العتيقة أنجب الشيخ مع زوجته هاته، أربعة أبناء “علي” و”إبراهيم” و”سعيد” و”لحسن”، يشكلون حاليا أربعة أسر كبيرة تنتسب إليهم أغلب أسر ساكنة “تغلولوا” والدهم الشيخ “مْحْمْدْ بْنْ يِدِيرْ” المعروف بأنه عالم زاه، ومن الأولياء الصالحين، واحتفاء بالشيخ رحمه الله حبا لشخصيته واعتزازا به وتقديرا لمواقفه ووفاء لإخلاصه وردا للجميل فان سكان المنطقة اختاروا أن تقام بالمدرسة مناسبة دينية سنوية يسهرون على تموينها والمحافظة عليها لتكون فرصة للموعظة ونشرا لتعاليم الدين الإسلامي يتوافد إليه الزوار من كل المناطق البعيدة وتذبح فيه الذبائح للصدقة وإطعام الفقراء، فصار هؤلاء على هذا الطريق أسوة بباقي الأماكن التي تقام فيه المواسم الدينية بنفس الطريقة والكيفية  بسوس العالمة.

عبد الله لشكر: “تِـغِيـرْتْ نْـيُوزْ” – سيدي إفني

مشاركة الخبر مع أصدقائك

تعليقات 3

  1. اموما عمر: 2014/04/24 1

    بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه ؟ اود انشكر صاحب هدا المقال وان لم اعرفه اشكره على هاده التوضيحات كاحفيد من احفاد هاد الوالي الصالح بادن الله تعالى وارجوا ان يبقى هادا الموسم الدني كما سطر له بعيدا عن اغراض دنيوية تلقى فيه المواعظ والاحكام والنصائح المثمرة للمسلمينا جماعا والله ولي التوفيق ؟ طانطان؟

  2. وهراوي الحسين: 2014/04/25 2

    رئيس جمعية تسيير ورعاية المدرسة العتيقة بتغلولو :
    بسم الله الرحمان الحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم وبعد،
    نود ان نتقدم بالشكر الجزيل، باسم رئيس الجمعية واعضاء مكتبها المسير، لصاحب هدا المقال على هده التوضيحات القيمة ونرجو من الله ان يكتبه في ميزان حسناته، وندعوكم للمزيد من البحت في هدا الموضوع الدي يهم المنطقة. وجزاكم الله الف خير.

  3. lachgar: 2014/04/27 3

    بارك الله فيكم ودام لكم الصحة والعافية .هذه الكلمات ليست سوى نقطة من فيض , فامجاظ عموما غنية بما يستوجب ان يقال في شتى المجالات …….

أكتب تعليقك