الرئيسية » أغراس أغراس » كلشي باين »

ذكرى 6 أبريل .. العودة إلى روح اتفاق “أمزدوغ” بـ”سيدي إفني” (الجزء الأخير)

فالعملية السياسية كما تتم في مغرب اليوم وخاصة فيما يخص العملية الانتخابية تشوبها عوائق بنيوية كثيرة لها علاقة بالنسق العام. ولا يجب أن ننسى أننا نعاني من أزمة التمثيلية ونؤدي ثمن البيروقراطية السياسية حيث لم يعد المجتمع يمتلك السلطة ولا الحق في الاقتراح والتقرير؛ فما معنى مثلا أن يصوت الناس في “تانكارفا” أو “ايت عبلا” أو “إصبويا” على شخص ينتمي إلى حزب معين لكي يصبح زعيمه وحاشيته من المقربين وزراء ويتمتعون بسلط ونفوذ؛ دون أن يعرفوا ولو معلومات بسيطة عنهم وعن حاجياتهم؛ أو أن ينتخبوا من أرادوا ومن يرون فيه أملا لتغيير وضعيتهم وتسيير شؤنهم لكنهم حين يتمكنوا من تحمل المسؤولية يكتشفون أن مؤسساتهم لا تمثيلية لها ولا حول ولا قوة، تبقى فقط مؤسسات شكلية، في حين تدبر كل الأمور وتتجمع السلط في مكاتب ومجالس غير منتخبة. حيث أصبحت سلطة التعيين أكبر من سلطة الانتخاب.sidi ifni

لقد سبقنا العديد من الباحثين المتخصصين في علوم مختلفة الذين وقفوا على أعطاب السياسة والحكم في المغرب. لكن نريد أن نركز من جديد على دور “إسبانيا” و”فرنسا” في قتل المؤسسات السياسية والاجتماعية للمجتمع المغربي وتقوية الدولة الوطنية المركزية من طرف المخزن والأحزاب السياسية التي اقتسمت معه الكعكة، وساهمت هي الأخرى في الاستلاب الثقافي وغرس الأوهام عن طريق تبني “إيديولوجيات” انبثقت من مجتمعات أخرى وتستهدف خصوصيات المغاربة في السياسية والثقافة والتدين؛ حتى أصبحنا غرباء في وطننا. لذلك نرى من الضروري بمكان إعادة الروح لمؤسساتنا وقيمنا وأنظمتنا في التسيير والحكم والتمثيلية ونقوم بحلحلتها وتحيينها لتساير حركية التطور الذي تعرفه البشرية في عصرنا. لا أن نساهم في تشويهها.

فاليوم أصبح الجميع متفقا على موت السياسة في المغرب، وعدم جدواها، لكن من المسؤول على ذلك؟ وكيف تم ذلك؟ يجب أن ننطلق من الأصول ونفتح نقاش هادئ، علمي وفكري في جميع المستويات. فالذين أفقدوا السياسة أدوارها وقاموا بتشويه التمثيلية ربما هم الذين يستفيدون من هذه الفوضى واستفحالها. لانهم بذلك يحافظون على مصالحهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. فيعملون بقتل روح التمثيلية وجذور الديموقراطية الحقيقية في المجتمع، حتى لا ينتخب الشعب من يريد. فالذين يحتكرون الثروات والاقتصاد والأبناك والمؤسسات المالية الكبرى وكل شيء في المغرب، هم أنفسهم الذين يحتكرون الحقل الحزبي والنقابي…. ويدبرون العمل السياسي بشكل عام.

أمام كل هذا، فنحن نتذكر 6 أبريل 34 حين كان “آيت باعمران” يدبرون شؤونهم بأنفسهم ويتفاوضون مع أكبر الدول الأوربية في بداية القرن العشرين. وحين كانت كل السلط تدبرها مؤسسة القبيلة وهيئاتها كـ”ايت مراو” و”آيت ربعين” وغيرها. أما اليوم، فلم يتبق إلا الحنين والصور الذهنية أمام هذه الدولة المركزية التي تدير كل شيء من العاصمة. فمن الطبيعي جدا أن تعيش مجالات الأطراف في التهميش والفقر والنسيان. وحتى وإن تم التفكير في الحلول فإنها تكون مشوهة وغير مجدية لأنها تأتي من الفوق، خير مثال، هو مصير المشاريع التنموية التي تنجز في الأوراق وتتبخر في الواقع.

خلاصة القول؛ نريد طرح سؤال وحيد وهو، كيف استطاع المخزن في المغرب أن يقتل كل المؤسسات الاجتماعية والسياسية والثقافية للمجتمع وعوضها بما يسمى الدولة الحديثة؟ لكن احتفظ هو على الروح التقليدية للمخزن ورسخ كل أشكال البرتوكول المخزني العتيق الذي يعود إلى القرون الوسطى في دولة يقول أنها حديثة وعصرية… مفارقة عجيبة جعلت كل علماء “الانثربولوجيا” و”السوسيولوجيا” وجمهور المؤرخين الذين قاموا بتحليل لطبيعة النظام السياسي المغربي، من “باسكون” و”بيرك” و”كلينر” إلى “حمودي” و”العروي” …. يستغربون أمام هذه الازدواجية الغريبة مخزن عتيق يحكم دولة حديثة.

بقلم: عبد الله بوشطارت

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك