الرئيسية » أغراس أغراس » كلشي باين »

“أنا بالله و بالشَّرْعْ” … صيحة السّوسيّين ضد غزو الرّعي الجائر لأراضيهم.

لعلّ قبائل سوس وخصوصا تلك الممتدة من إقليم اشتوكة نحو عمق تزنيت أو أبعد، لا تعاني فقط من انعكاسات هذه الأزمة الوبائية فقط.. بل وأيضا ومنذ سنوات لم تترك ولا وسيلة واحدة لإبلاغ صوتها إلى المسؤولين جراء هذا الرعي الجائر لأراضيها.. بل تشير المعطيات الواردة من المنطقة ارتفاع منسوبها خلال هذه الأشهر الأخيرة .. ليرتفع بذلك منسوب حدّة الغضب الذي عادة ما يختزله السوسيون في القول.. “أنا بالله.. وبالشَّرْعْ..!!!“.

نعم وبنبرته الصوتية المليئة غضبا وحقناً كما ورثناها عند أجدادنا … تلك النبرة الصادحة التي عادة ما يرافقها خلع العمامة والضرب بها على الأرض وبقوة … كتعبير عن خلع سترة الصواب والاحترام اتجاه الغير … كآخر إنذار للعودة إلى جادة الصواب والانضباط لشرع الله وحدوده …أو ما يعادل ذلك من قوانين مدنية منظمة لحياة الفرد والجماعة

ولا يصل السوسي المعروف بجديته وصبره وطيبوبته واحترامه وانضباطه الواعي للشرعية والقانون … لا يصل هذه اللحظة إلا حين يكون مهددا في كينونته ووجوده والمحددين في ثنائية واحدة لا ثالث لهما .. الأرض والشرف؛ هما اللذان يتعرضان اليوم للاعتداء وما زال من خلال تصرفات الرحل التي لم تعد تطاق بمنقطة، إذ تحول هذا الرعي الجائر إلى (غزو) للأراضي الفلاحية وأراضي الجموع والغابات، بل ونهب وإتلاف لكل المغروسات من شجرة الأركان إلى اللوز والزيتون والخروب، بل امتد هذا الاعتداء إلى التهديد والتعنيف لأهلنا هنا بسوس وبجميع مناطقه وقبائله بتارودانت كما في اشتوكة ايت باها… بتافراوت… وسيدي افني كما في جماعة أنزي ونواحيها

منذ سنوات وهذه المناطق تعرف احتجاجات السكان مطالبة بوقف هذا الرعي الجائر أمام سلطات إقليمية وجهوية عاجزة عن تطبيق القانون وتوفير الأمن في حده الأدنى … حتى ليخال للمرء وهو يسمع لمعانات الفلاحين الصغار وأصحاب الأرض أننا أمام رحال بأسلوب جديد يعتمد على آليات لوجستيكية قوية كالمروحيات والعديد من سيارات الدفع الرباعي ومحركات لضخ الماء يسرقون بها مخزون مياه القبائل، بل تجرؤوا يوماً ما إلى قطع أنابيبها على إحدى الدواوير بتافراوت..

هذا التجهيز وبهذا البدخ يؤكد بالفعل ما تداوله ساكنة الجهة من كون هذا الأسلوب الهمجي وهذه العجرفة يختلف عن ظاهرة الرحل التي عرفته المنطقة منذ عهود في علاقتهم مع السكان، إذ يتم الترحاب بهم وفق التزامهم باحترام حدود الأرض والمغروس والماء …. وقد ترتب عن ذلك تفاعل إنساني نتج عنه علاقات ومصاهرات….

لذلك حين تحتج ساكنة سوس اليوم فإنها تدق ناقوس الخطر على بدء توغل أباطر يحاول رأسملة قطاع الرعي في علاقة مع إحدى دول الخليج التي ضخت أموالاً طائلة خاصة بإحداث مراعي ثابتة بهذه المناطق بسوس … هذه الجهة المنكوبة أصلاً لا في مدنها فحسب بل وفي الزحف الجديد لما سمي بقانون تنظيم المراعي الذي لن يزيد إلا ضرراً للأرض والإنسان هناك، إلى جانب الخنزير البري الذي يعيث في الحقول فساداً

هي الصيحة الأخيرة للعودة إلى الشرع والقانون كاختصاص من اختصاصات الدولة. فالحياة في الذل والحگرة … ليست صفة أمازيغية..

بقلم: يوسف غريب

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك