كل مرة يـُعاد فيها النقاش من جديد حول المرحوم “مستشفى القرب” بدائرة لاخصاص، والذي كان موضوع نقاش وجدال حول المكان المناسب لإنجاز هذا المرفق العمومي الصحي الهام، بين من يؤيد إحداثه من أبناء جماعات لاخصاص الثلاث بمركز جماعة لاخصاص، وبين من يرى من أبناء جماعات إمجاض وأيت الرخاء أن إحداثه بمركز جماعة تغيرت أمر لا بد منه، كون هاته المناطق هي المتضررة من انعدام الخدمات الصحية وبُعدها الجغرافي عن عاصمة الإقليم حيث يتواجد المستشفى الإقليمي، وعن مدينة لاخصاص حيث يتواجد أقرب مستشفى للقرب.
هذا النقاش، تَــكرر من جديد في الأيام الأخيرة، خاصة بعد خروج مسودة مشروع قانون المالية 2020 للعلن وإلى المناقشة في قبة البرلمان، وتكرر لدى شباب منطقة إمجاض عبر تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، والذين أعادوا النقاش إلى نقطة الصفر. يـُحللون ويناقشون ويقترحون، ويتساءلون حول ما هي السبل لإحداث مستشفى القرب بمركز تغيرت أو أي مركز قروي آخر بإمجاض، ويبحثون عن الإجابة حول الأسباب الداعية إلى فشل المنتخبون في إقناع الجهات المسؤولة بإحداثه بمركز تغيرت.
الغريب في الأمر أن الجميع يعرف مكمن الخلل، ويعرف سبب الفشل، لكن لا أحد تجرأ عن قول الحقيقة. لأن الحقيقة مرة، وصحيح أن مجموعة من المنتخبين الجهويين بجهة كلميم واد نون من ذوي النفوذ لدى الإدارات المركزية، دافعوا بقوة لإحداث مستشفى القرب بمركز تغيرت، وحتى المسؤولين عن قطاع الصحة بالإقليم السابقين والحاليين، يؤكدون أكثر من مرة سراً وعلانيةً أن مركز تغيرت أولى بإحداث مستشفى القرب من مركز لاخصاص، لعدة اعتبارات، أبرزها ما يلي:
أولا: مركز جماعة تغيرت يَبعد عن المستشفى الإقليمي بمدينة سيدي إفني بـ136 كلم مروراً عبر مدينة تيزنيت، و104 كلم مروراً بجماعة تيوغزة، فيما مركز لاخصاص لا يبعد عن مدينة سيدي إفني إلا بـ57 كلم فقط، دون أن ننسى مركز جماعة أنفك الذي يبعد عن مدينة سيدي إفني بـ165 كلم مروراً عبر تيزنيت ويبعد عن نفس المدينة بـ135 كلم مروراً عبر جماعتي لاخصاص وتيوغزة.
ثانياً: لنفس الاعتبار المتعلق بالبعد الجغرافي، وفي إطار تطبيق “تقريب” الإدارة من المواطنين بلغة “الجاهلين” بتضاريس المنطقة وإقليم سيدي إفني عموماً، يَــبعد مركز جماعة تغيرت على أقرب مستشفى للقرب الكائن بمدينة بويزكارن بـ52 كلم، مروراً عبر جماعتي إفران الأطلس الصغير وتيمولاي بإقليم كلميم، فيما مركز جماعة أنفك بالضفة الشرقية من الإقليم يبعد عن هذا المستشفى للقرب ببويزكارن بـ 82 كلم، فيما مركز جماعة لاخصاص لا يبعد عن مدينة بويزكارن إلا بـ26 كلم فقط.
ثالثاً: كل هذه الاعتبارات، تـُساعد منطقة إمجاض لبناء هذا المستشفى بمركز جماعة تغيرت، ناهيك عن عدد السكان، حيث بلغ عدد سكان جماعات إمجاض الخمس حسب الإحصائيات الرسمية لسنة 2014 وفق المندوبية السامية للتخطيط 27689 نسمة، وعدد الأسر بلغت 5845 أسرة، دون احتساب 9814 نسمة من سكان جماعتي أيت الرخا، و1852 أسرة من نفس الجماعتين، وذلك مقارنة مع نسبة السكان بجماعات لاخصاص الثلاث التي لا تتعدي 16903 نسمة و3713 أسرة.
لكن ما السبب إذن، وفي ظل كل هذه المعطيات الرسمية الصحيحة التي لا نقاش فيها، يـُطرح السؤال: كيف انهزم المنتخبون المحليون بالجماعات الترابية الخمس لإمجاض، مدعمين بالمنتخبين المحليين بجماعتي أيت الرخاء، أمام المنتخبون المحليون بالجماعات الترابية الثلاث بلاخصاص؟. سؤال في حالة تم الإجابة عنه بكل جرأة ستظهر الحقائق الضائعة، والتي سيتم التطرق إليها في مقال لاحق بكل جرأة ومسؤولية إعلامية مهنية.
تغيرت نيوز / الافتتاحية
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=42164