الرئيسية » أغراس أغراس » كلشي باين »

رئيس جهة كلميم واد نون الموقوفة: قضيت سنتين رئيساً لجهة فريدة لم أذق فيها طعم الراحة يوماً واحداً

تغيرت نيوز

التاجر إذا أفلس يبحث في دفاتره القديمة، هذا المثل ينطبق هذه الأيام على بعض الأشخاص الذين يبحثون خلفي منذ مدة طويلة ، ومع أنني خارج المشهد السياسي بجهة كلميم واد نون إلا أن البعض يصر على إعادتي الى الأضواء رغم أني لا أحب بريقها الحارق، وفي كل مرة يتم إخراج شيء من الأرشيف، مرة انفصالي .. ومرة أخرى عنصري وقبلي .. ومرة ثانية مختلس وفاسد.. 

في مراكش قضيت أكثر من عشرين سنة لم أسمع فيها هذه الاتهامات ولا غيرها إلا في مدينتي كلميم التي قضيت فيها أقل من سنتين رئيساً لجهة فريدة لم أذق فيها طعم الراحة يوماً واحداً، فيبدو أن لا كرامة لنبي في وطنه .. وأنا لست نبياً ولا ملاكاً، أنا إنسان عادي لا حول له ولا قوة، لا يملك مالا ولا سلطة لحشد الدعم والناس في مكان عام، ولست من المرضي عليهم ليساندني شخص ما للأسف .. “ما عندي جداتي في المعروف”، وما عندي غير الله وقلة من الشرفاء وإيمان بحب الوطن وأمل في المستقبل .. لا أحمل حقدا لأي أحد ولا تجمعني بالأشخاص الذين حاربوني أي مصلحة مشتركة ولا أريد أي شيء ولا أي مصلحة سوى غيرة حركتني من أجل جهتي ومسقط رأسي..

ودفعت ثمن هذه الغيرة ضغُوطاً وعراقيل خفية وظاهرة ومع ذلك لم يتساءل أحد لماذا رئيس جهة كلميم واد نون وحده من يدفع الثمن .. ولماذا تم توقيف الجهة بين 12 جهة !!. سؤال مغيب مع أن جوابه أوضح من شمس يوم قايظ، لكن لا أحد يبحث عن التفاصيل فقط من بين 200 مقال أو تصريح لأستاذ جامعي يتم استخراج ما تهوى أنفس البعض مع طبعا النفخ والتحريف لهؤلاء أقول، أنا أستاذ جامعي راكم تجربة في البحث ولا زال يحاول قراءة ذاته ومراجعة مواقفه وأهم خلاصة خرج بها أن تسيير المجالس في المغرب لا يحتاج لأي ثقافة ولا شواهد، هي خلطة معروفة على من يملك أسرارها أن يتقدم لتسييرها لكن بناء العقول يحتاج لعمل طويل وهذه مهمتنا في النهاية، لذا لا تبحثوا عن أي شيء في الأرشيف فأنا لا أخشى كتاباتي ولا تصريحاتي لأني اعتبرها سيرورة تطور وبحث عن الحقيقة، والحقيقة التي وصلت لها وأنا أسير جهة كلميم واد نون، أن الفساد لا جنسية ولا قبيلة له ولا وطن .. هو منظومة محكمة القواعد، أما أن تدخل في عباءتها وإما أن تطحنك، وأنا فضلت الطحن على الدخول في العباءة، لأنها ليست على مقاسي لذا من العبث أن تبحثوا عني وأنا خارج المشهد السياسي، أما إذا راودتني شياطين الكتابة وأنتم من يوقظها ففي جعبتي الكثير، وأنا أهوى السرد واحب اللغة العربية التي يختلف عليها الآن الفاعلون السياسيون كلغة للتدريس، مع أن الأمر بسيط للغاية ولا يحتاج للكل هذا النقاش، فقط أنظروا لمن تقدموا من الأمم وبأي لغة وبأي هوية، فقط تدركون أن مجرد النقاش عبث ما بعده عبث..

على أي نعود للجهة الفريدة ونقول لمن يريد تبديد جزء من رصيد محبة الناس أن هذا رزق من الله وليس ريعاً اقتصادياً يمكن مصادرته ولا كرطية يمكن سحبها، فلا تزاحمونا في ما نملك وهو قليل، لأننا لم نزاحمكم فيما تملكون وهو كثير، فقط يجب أن نتفق على أن جهة كلميم واد نون دارنا جميعا وعيب الدار على من بقي في الدار، أنتم من يعاني من مستشفياتها وانعدام جامعات بها وأنتم أيضا من تصنعون فاسديها وطغاتها وتطبلون لهم وتهللون .. وسيأتي يوم لينطبق عليكم المثل العربي “أكلت يوم أكل الثور الأبيض“..

أنا فقط حركت مياها راكدة رائحتها لم تعجب البعض وبدل محاربة الرائحة بـ”فليطوكس” حاربوا من حركها .. لذا ستظل الرائحة تزكم أنوفكم وتذكركم بأن هناك من مر من هنا وقال أشياء كثيرة سمعها البعض، وغض عنها البعض الطرف وجهة كلميم تجمعنا والتاريخ له ذاكرة من حديد.. وكلميم تدرك جيدا أنا دخلناها بنية أن نجعل منها مع كل الغيورين مراكش صغيرة لكن للأسف مراكش تتقدم وكلميم في أسفل الترتيب، ومع كل ما وقع ستظل في عيني وفي قلبي كما مراكش التي احتضنتني دون أن تسأل عن هويتي، لأن الأماكن في النهاية هي تلك التي تسكننا لا تلك التي نسكن، ولو فكر كل مسؤول أو منتخب في معنى الكلام لكان هناك كلام آخر وكان هناك مغرب آخر غير الذي نرى..

أما الذين جعلوا من كلميم مطية للاغتناء تعرفونهم جميعا ومن حولوا أموالها وصفقاتها لفيلات وشقق هنا وهناك أيضا تعرفونهم، أما أنا خرجت كما دخلت بل أسوأ من ذلك، ولست حزيناً ولا نادماً لأني ما دخلت لحاجة في نفس يعقوب، بل لحاجة لجهة لم يقضيها يعقوب للأسف، لأنها بكل بساطة جهة عصية على الفهم تحب جلاديها وتقول فيهم شعراً تحب اللا شرعية وتقول فيها نثراً تحب كل شيء إلا الحقيقة..

والحقيقة يتحمل مسؤوليتها من يصدح بها جهاراً وأنا تحملت المسؤولية وكان توقيف الجهة، وبعده ربما يأتي أكثر من التوقيف نفسه، لذا لا يلومنا لائم، فالمسؤولية علينا جميعاً وعلى الذين اختفوا عن الأنظار والاسماع في وقت كانوا ملء السمع والبصر إن يفتونا في ما نحن فيه مختلفون، أم أيضا هم ينطبق عليهم المثل العربي “أسد علي وفي الحروب نعامة“..

ألم أقل لكم أنها جهة المفارقات الغريبة، بالأمس صراخ ومعارضة قوية لكل شيء حتى المشاريع الملكية، وبعدها صور مع نفس المشاريع المعترض عليها.. “أيوا أفهم دوخ كيف اقولوا الأشقاء” بتونس، وبعدها صمت رهيب واختفاء عن الأنظار والاسماع وكأنهم كانوا فقط يحاربوا ويعارضوا شخصاً واحداً يجب ازاحته من المشهد السياسي والباقي تفاصيل، لا يهم المستشفى ولا الجامعة ولا ذوي الاحتياجات الخاصة، المهم إفشال التجربة لأن القيادة ليست لهم وقد نجحوا في ذلك لأن النخب للأسف ضعيفة ومتخاذلة ولا يهمها سوى المصلحة الخاصة وما ستجنيه طيلة الخمس سنوات، لكن الحمد لله من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه وأهداه على طبق من ذهب لمن أحسن استعماله ومصائب قوم عند قوم فوائد..

وعزاءنا في كل ما وقع رغم مرارته أننا عرينا واقعا كان مسكوتا عنه بل مطبعا معه واقع نخب سياسية معينة حولت الجهة لضيعة سطت على مقدراتها وحفظت عقاراتها ووزعت مجالسها كما يوزع الورثة تركة موروثهم والكل يتفرج إما تواطؤا او خوفا او طمعا..

وحين قاومنا الدخول في هذه اللعبة القذرة تكالب علينا الجميع إلا من رحم ربك من أجل إزاحتنا من الطريق، وعلى الرغم من توقيف المجلس وهدر الزمن التنموي إلا النتائج ستجنيها الجهة في الاستحقاقات القادمة، على الأقل الصورة واضحة الآن أمام الجميع، بل أمام الرأي العام المغربي، وسيسجل التاريخ أن جهة كلميم واد نون وضعت على المحك القوانين المنظمة للجهات والأحزاب السياسية وعرت ثغراتها وعرت أيضا هشاشة النخب وأنانيتها المفرطة، وفوق هذا وذاك أظهرت أن مصلحة الجهة والمواطنين هي آخر ما يفكر فيه بعض أشباه المنتخبين الذين ابتلي بهم هذا البلد..

لذا نكتب الآن عن جهة تحفها تفاصيل كثيرة واحتراما لأنفسنا لن ننبش في أسرار ما حصل إلى حد كتابة هذه السطور، لأننا أدركنا منذ البداية أننا غير مرغوب فينا لذا لا تصدقوا حكاية عدم الحفاظ على الأغلبية، وبأي ثمن كان سيكون الحفاظ عليها أو السعي لاستقطاب آخرين، تلكم حكاية أخرى ربما يأتي أوانها .. فقط ما نريد إيصاله اليوم أننا كنا منسجمين مع قناعاتنا لم تغيرنا السلطة وبريقها الخاطف، ولم تغرينا الأموال التي يلهث الكل وراءها وهناك من نصحنا غير مشكور بذلك “دير علاش ترجع كول اوكل، البلاد غادية هاكاك “، ومفردات كثيرة ونصائح من كل صوب، لكن نؤمن أن المال هو وسيلة وليس غاية، وأن ما يهم في النهاية هو السلام الداخلي والانسجام مع الذات وإرضاءها قبل أي شيء آخر ،ما عدى ذلك تفاصيل تافهة..

حب الوطن ليس رصيداً في البنك وليس ابتزاز ولا مقايضة، إنه قول الحقيقة مهما كانت مرة وتعرية مكامن الضعف في السياسات العمومية، أما النفاق والارتزاق لا يصنعون أوطاناً بل أوهاماً يوماً ما ستنكشف ويظهر الواقع كما هو دون تحريف أو تزييف

عموما لا نعلم ما ستكشف عنه الأيام القادمة ونحن لا تفصلنا سوى شهر عن انتهاء المدة الزمنية، وكيف ما كانت الحلول أو الاقتراحات، فإننا نشعر بارتياح تام لأننا أدينا جزءاً من مهمة ومن مشروع على أبناء جهة كلميم واد نون استكماله والحفاظ عليه، نُدرك أن الفساد قوي وقد ربح جولات كثيرة لأن يدا واحدة لا تصفق، وأنا للأسف حتى خلقيا لا أملك إلا يداً واحدة لكنها كانت كافية لإيقاف البعض عند حده، فما بالك لو قامت كل الأيادي لتصفق في انسجام تام، فلم يعد من المجدي إنتظار من ينتصر أو أذهب أنت وربك وقاتلا انا هنا قاعدون..
المعركة اليوم في جهة كليميم واد نون ملك للجميع وواهم من يظن أن الأمر كان يتعلق فقط بصراعات سياسية بين شخصين، هذه مصادرة على المطلوب وتزوير للحقائق لم يعد ينطلي على أحد..

وكما ينتظر الجميع ما ستسفر عنه الأيام القادمة من مستجدات، نقول لهم نحن لا ننتظر لأن كما يقول المثل المغربي “الحاذك بالغمزة والخايب بالدبزة” ونحن تلقينا دبزات كثيرة لذا نكاد، نجزم أن العودة مستحيلة وما ستؤول له الجهة في علم الغيب والراسخين في العلم، لكن كان لابد أن نتحدث عن المستقبل لأن هذه الولاية طواها التوقيف ما بعدها هو الأهم.

اللهم اني قد بلغت الله فاشهد..

انتهى الكلام

عبد الرحيم بنبعيدة: رئيس جهة كلميم واد نون الموقوفة

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك