تروج اﻷخبار منذ مدد ليست بالقصيرة عن مشروع النواة الجامعية بسيدي إفني.. ومنذ زمن ليس بالقصير، ظل هذا الحلم يراود المنطقة ونخبها، ظنا من أن تحقيقه يمكنه أن يكون رافعة جديدة للتنمية في شقها البشري هذه المرة…
هو حلم مشروع، لا أخفي أني كنت من الحالمين به .. إلا أني ومنذ السبت اﻷسود لسيدي إفني قبل عشر سنوات، وما تلاه من تنمية مفترى عليها على جميع اﻷصعدة، صرت أخاف على اﻷحلام من وضعها في حضانة المواليد الخدج، بل واﻷكثر، مخافة التشويه.
لا زلت، متشبثا، بأن تحويل مدينة أو “فيلاج” إلى مدينة جامعية هو أمر محزن.. فللمدن الجامعية مواصفات في مخيال اﻷجيال وذاكرتها لا يمكن القفز عليها.. كما لا يمكن تخيلها دون مقاييس التمدن والقدرة على تحمل “أعباء” التمدن الجامعي..
و هي أمور ظهرت في نماذج أساءت، في نظري على الأقل، إلى تصوراتنا للجامعة بالقدر الذي أساءت فيه لهذه “المدن” والمداشر التي تريد أن تتحول إلى ما يشبه احتضان المداشر للفرعيات والملحقات الاعدادية…
و مع واجب الاحترام لأستاذي عمر حلي، وكل ما جسده مع هذا الحلم من عناء التفكير وتدبير الإخراج في حلته الممكنة عبر تكوينات ذات علاقة بالمنطقة، إلا أني لا أعتقد أن نواة جامعية بسيدي إفني يمكن أن تنجح بهذا المعنى. فهي لن تكون سوى بناية بعيدة كل البعد عن واقع لا يسمو إلى “الابراج العاجية” الضرورية أن تكونها الجامعة.. ولن تكون حتى نواة، وفق الشعار الجامعي المغربي الذي فشل، تجسد “انفتاح” الجامعة على محيطها…
ويكفي النظر إلى تجارب قريبة و طرح السؤال نفسه: فماذا حققت النواة اﻷولى من نوعها في الراشيدية، أو في تارودانت أو في كلميم؟! … فهذه التجارب وحدها كافية للحكم، ولو مبدئيا، بفشل تجارب “تقريب الجامعة من المواطنين”… فباستثناء التباهي الانتخابي واﻹداري بــ”خلق” مشروع كبير، لم نر لمثل ما يُناقش الآن في سيدي إفني من نتيجة سوى عبء جديد يضاف إلى أعباء المدن الصغيرة الصعبة…
أظن أن الجامعة، في جزء من حرمتها و احترامها، يجب أن تظل بعيدا عن هذه العوالم الصغيرة محدودة الأفق المعرفي والمجالي .. فهي بذلك ستكون تجربة حقيقية للطلبة في “الانفتاح” الحقيقي على العوالم الحقيقية والواقعية للتلقي الجامعي على يد خبرات كفؤة ترفض في معظم اﻷحيان العمل في مثل هذه اﻷنوية المشلولة، كما توفر تجربة لمعرفة الحياة و العالم الواسع ابعد من اﻷحلام المثالية ومن أنف المدن الصغيرة مثل إفني أو كلميم …
بهذا المعنى ، أجدني من الذين يرون أن نواة جامعية في سيدي إفني بكل أحلامها الطفولية والبروباغانداوية لن تكون سوى مشروع مشوه آخر سيمر الذين سيشرفون عليه مثل كل المارين الذاهبين إلى أحوال سبلهم، ليتركوا لنا هواية حساب الخيبات والغبن والمشاريع الفاشلة…
فسيدي إفني تحتاج تنمية اقتصادية واضحة، وتشغيلا واضحا صريحا، وارادة حقيقية لتحويلها إلى مدينة حقيقية أولا لكي تستحق فيما بعد النوايا الحسنة لمن يحلمون بجامعة الآن…
غير ذلك، اتركوا الجامعة للمدن الجامعية، واتركوا بناتكم وأولادكم يواصلون دراستهم الجامعية بعيدا عنكم و عن خيباتكم … بعيدا عن إفني وكلميم…
هي وجهة نظر قد لا تروقك؟!…
يكتب: محمد المراكشي (نون بوست)
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=38757