الرئيسية » ثقافة وفن » إعلام واتصال »

الإشكالات القانونية والحقوقية التي تواجه الصحافة المحلية في مائدة مستديرة أطرها خبراء بكلميم

أبرز المتدخلون في مائدة مستديرة تحت عنوان، “أي صحافة محلية نريد؟… والتي نظمها منتدى الجنوب للصحافة والإعلام بشراكة مع فرع كلميم للمركز المغربي لحقوق الإنسان بمقر الغرفة الفلاحية لجهة كلميم واد نون الإشكاليات الكبرى التي تواجهها الصحافة المحلية والجهوية في ظل المستجدات الأخيرة في قانون الصحافة والنشر وتداعياتها على المنابر الإعلامية المحلية قانونيا وحقوقيا واجتماعيا ووقفوا على كل الإكراهات التي تتخبط فيها، في أفق لفت انتباه كل المتدخلين والشركاء من أجل العمل على تجاوزها ووضع حلول واقعية و دائمة لها.

وهكذا ركز الأستاذ محمد زاهور مدير وزارة الثقافة والاتصال قطاع الاتصال بجهة كلميم واد نون على أن إحداث المديرية الجهوية لوزارة الاتصال قطاع الاتصال  يأتي في إطار التجسيد الحقيقي للجهوية الموسعة واللا تمركز الإداري الذي دخله المغرب لإحداث نوع من التكامل الاقتصادي والتنموي بين الجهات مما سيخلق  توازنا تنمويا فيما بينهما. ووزارة الاتصال لا يخرج عملها عن هذا الإطار، حيث ذهبت استراتيجيتها يقول الأستاذ محمد زهور إلى تنزيل مجموعة من المشاريع التي تهم قطاع الصحافة والاتصال، ومن بينها المجلس الوطني للصحافة الذي انتخب هذه السنة كنوع من التسيير الذاتي للقطاع وأنيطت به مجموعة من المسؤوليات في ظل الاختصاصات المسندة إليه والتي كانت سابقا من اختصاصات الوزارة كمنح البطائق المهنية للمشتغلين في القطاع.

وعلى مستوى كلميم قال المدير أن هناك تطور في مهنة الصحافة على مستوى الأقاليم الأربعة وعرف نقلة من الصحافة الورقية إلى الإلكترونية رغم أن الكثير منها لا يزال يصطدم بالمنظومة القانونية الحالية  لكونه  مجال تتقاطع فيه مجموعة من المجالات والاختصاصات والنصوص القانونية الأخرى، هذه الأخيرة التي لا يخرج دورها يضيف المتحدث عن كونها تأمينا لشخص الصحفي المهني ووضعه ثانيا أمام مسؤوليته إزاء المجتمع والقانون.

وختم محمد زهور مداخلته بالتأكيد على أن باب المديرية الجهوية للاتصال سيكون  مفتوحا أمام جميع الصحفيين للاستماع إليهم والتشارك معهم من أجل تشخيص دقيق لواقع الصحافة بالجهة ومحاولة تأهيلها عبر لقاءات تواصلية وندوات وموائد مستديرة.

وفي المداخلة الثانية والتي أطرها الحقوقي الأستاذ عبد الله بنعبد الله: افتتح  تدخله بالتأثير السلبي لقانون 88.13 على وضعية الصحافة والمنابر الإعلامية المحلية خصوصا التي كانت تشتغل قبل خروج هذا القانون لحيز الوجود مصرحا بشكل مباشر على عدم دستورية بعض نصوصه من جهة وبتطبيقه بأثر رجعي من جهة ثانية. فبالسبة للمبدأ الأول، فيهم  مبدأ المساوات وتكافؤ الفرص الذي أقره الدستور ضاربا المثل بالمادة 16 من القانون 88.13 التي تقيد من لهم الحق في مزاولة مهنة الصحافة وتطعن في حرية الوصول للمعلومة التي كرسها دستور 2011 للمواطنين كلهم وليس فقط الصحفيين، أما المبدأ الثاني فلاحظ الأستاذ بنعبد الله أن التنصيص على مسألة الملائمة ومنح سنة فقط للمنابر الإعلامية من أجل هذه الغاية،  ما هو إلا تحايل لتطبيقه بأثر رجعي على المنابر الإعلامية التي كانت تنشر قبل دخول القانون السالف الذكر لحيز التنفيذ.

وكشف المتحدث في ذات المداخلة التناقض الحاصل في المادة 16 نفسها حين فرضت في فقرتها الأولى ونصت على أن يكون مدير النشر حاصلا على الإجازة أو ديبلوم عالي في الصحافة لكنها سرعان ما ألغت هذا الشرط في الفقرة الأخيرة من النص ذاته إذا كان مالك المقاولة الإعلامية لا تتوفر فيه تلك الشروط المنصوص عليها في أول المادة. كاشفا في ذات السياق جدلية البطاقة المهنية وشهادة الملائمة التي تفرض على من أراد الحصول على البطاقة المهنية التوفر على شهادة الملائمة وهذه الأخيرة نفسها تشترط البطاقة المهنية عند إيداع التصريح أمام النيابة العامة.

وفي مقارنته بين قانون 88.13 و القانون السابق المنظم للحريات العامة صرح رئيس فرع المركز المغربي لحقوق الإنسان بكلميم  أنه وإن كان التصريح هو المبدأ المنصوص عليه في ظهير الحريات العامة لسنة 1958 فإن القانون 88.13 نص على التصريح ظاهريا لكنه مبدأ الترخيص باطنيا ويظهر ذلك جليا في المواد 21 و22 من القانون السالف الذكر حيث أعطى القانون للسلطة  تقدير منح الترخيص من عدمه فيما يطلب من صاحب التصريح أن يطعن في قرار الرفض أمام القضاء في وقت كان الأجدر أن السلطة هي التي يجب أن تطعن في أي تصريح مخالف للمقتضيات القانونية أمام القضاء على اعتبار أن الصحافة ليست مهنة عادية ولا يحب تقييدها تماشيا مع المبادئ العامة لحقوق الإنسان.

وفي المداخلة الأخيرة للمائدة المستديرة تحت عنوان أي صحافة محلية نريد؟.. والتي حدد  موضوعها في قراءة نقدية لنصوص قانون الصحافة والنشر استهل الإطار بالمحكمة الابتدائية بكلميم والباحث في سلك الدوكتوراه الأستاذ فارس السالك حديثه بالقول أن ممارسة مهنة الصحافة يدخل في إطار حرية الفرد في ممارسة حقوقه المدنية والسياسية وفي مقدمتها حرية التعبير، لافتا الانتباه إلى أن الدولة المغربية لم تتخلف عن الدول الكبرى في إدراكها أن البناء الديموقراطي لا يمكن أن يكون إلا بتكريس هذه الحريات لذلك استحضرتها جميع دساتير المملكة من دستور 1962 إلى دستور 2011 وأكدت على تشبت المغرب بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا والقانون 88،13 نفسه أحال على المواد 25 و 27 و28 من الدستور  التي تنص على حرية الفكر والحصول على المعلومة وضمان هذه الحريات دون تقييدها.

هل يعكس قانون الصحافة والنشر كل هذه المبادئ وهل يجسدها قانون الصحافة والنشر يتسائل الأستاذ فارس؟

وجوابا على هذا السؤال الجوهري وبعد استعراضه للبناء الشكلي لقانون الصحافة والنشر بشكل خاص  وتجميع كل ما يتعلق بالصحافة في مدونة واحدة تتعلق بها  لكي يكون هناك انسجام بين هذه النصوص القانونية واعتبار هذا القانون قفزة نوعية في تأهيل الصحافة والرقي بها إلا أنه يقول المتحدث لا يستحب للمطالب الحقوقية ولم يأتي بحل لكل الإشكاليات المطروحة في المحال الصحفي والحقوقي ولم يجب عن كل الإشكالات التي تواجه التنظيم القانوني بالمغرب وهو ما يجعل قانون 88،13 أبعد ما يكون من أن يؤسس لأرضية صلبة تنهض عليها حرية فعلية للتعبير وممارسة الصحافة ويمكن الاستدلال بذلك من خلال ما يلي :

  • تكريس نظام الترخيص بدل التصريح رغم أن تأسيس الجرائد على المستوى الدولي لا يشترط أي شكل من أشكال الموافقة الحكومية.
  • إلزام الصحفي بكشف كل أخباره ومصادره في تهديد واضح ومس بحرية التعبير وكبح لها وهو حق منحه الدستور لكل المواطنين  وليس فقط للصحفيين.
  • توسيع دائرة المشمولين بالعقوبات المقررة في قانون الصحافة والنشر لتشمل شركة الطباعة والموزع والشركة المستضيفة للموقع الإلكتروني.
  • نظام الملائمة قد يستعمل لحجب المنابر الإعلامية وغلقها بشكل دائم..

وفي ختام مداخلته  انتقد الأستاذ فارس عدم مراعاة هذا القانون الطابع المحلي والجهوي للصحافة وعدم منحه ما سماه بالامتياز الجغرافي لها، لما تتكبده من جهد مضن في غياب الإمكانيات والوسائل واضعا نقطة نهاية لمداخلته بالقول أن انطلاق مشاورة تعديل قانون الصحافة والنشر بقانون 7117 بعد مرور سنة فقط على دخوله حيز التنفيذ دليل على عدم استجابة هذا القانون لكل الإشكالات المطروحة في الساحة الصحفية والحقوقية بالمغرب.

عن كلميم بريس

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك