الرئيسية » أغراس أغراس » كلشي باين »

عضو مجلس جهة كلميم واد نون: ملاحظات على هامش التوقيف والتمديد

بادئ ذي بدء ، أود الإشارة الى أن قراءة هذا المقال، يتطلب تجاوز كل تعصب لجهة ما، وأخد مسافة معقولة من كل أطراف الصراع داخل جهة كلميم واد نون ومجلسها الجهوي.

ومناسبة هذا القول أن التعصب القبلي الأعمى، والانخراط الانتهازي في حلبة طرفي الصراع، ساهما بشكل كبير وسيء في تغذية وقود هذه الحرب الطاحنة، التي أثرت سلبا طيلة ما يقارب الثلاث سنوات، على السير الطبيعي لمؤسسة رسمية أنيط بها دور مهم في بناء التنمية المحلية، وإنجاح واحد من الأوراش المهمة التي تراهن عليها الدولة في تجاوز فشل مشروعها التنموي من جهة، وفي نفس الوقت من جهة أخرى، اعتبار الجهوية في جهات الصحراء مدخلا رئيسا لدعم مقاربة الدولة لقضية الصحراء المغربية، مما جعل صناع القرار المركزي، في أخر المطاف يتخذون قرار توقيف المجلس الجهوي في ستة أشهر الأولى، وينتصرون بعدها للتمديد نفس المدة في شهر نونبر الأخير.

أولا: تعطيل التمثيل الشعبي في صناعة قرار التنمية الجهوية:

إن أية قراءة بسيطة لواقعة توقيف المجلس، وتسييره من طرف وزارة الداخلية ، تجعلنا في ظاهر الأمر معترفين بأننا أمام “حالة استثناء” جهوي.

المألوف من طرف فقهاء الدستور والمراجع القانونية، هو مناقشة حالات استثناء وطنية (كما حدث عام 1965) حيث تم تعطيل المؤسسات المنتخبة ، أما في حالتنا هذه فنحن هنا أمام حالة ترابية محدودة (المجلس الجهوي لكلميم واد نون).

وحسب رأيي المتواضع فإن الدولة ، وباقي المتدخلين، والبلاد تتجه نحو لا مركزية تدبيرية للشأن العام، عليهم أن يعتبروا أنه من الطبيعي في حالات ما، الإقرار بصواب مبدأ “الاستثناء الجهوي” في نظام الجهوية! فلا معنى للحديث عن الخصوصية الثقافية، وتثمين المقدرات والمؤهلات المحلية … وكل هذه الشعارات المرتبطة بالجهوية من الناحية السياسية والانتخابية، وفي نفس الوقت رفض مقاربة قانونية تستحضر “حالة استثناء” خاصة لتدبير مجال ترابي ما، حينما يقع ما من شأنه تعطيل المقصود من أي دولة أو انتخابات على أي مستوى كانت وطنية أو جهوية، وهو تقديم خدمة عمومية للمواطنين و” الاستمرار الطبيعي لعمل المرفق العام” كمبدأ دستوري وقانوني”.

إن ما وقع في جهة كلميم واد نون، هو اختيار للدولة المغربية بين مستويين من الفعل التحكيمي، بين قرار الحكامة المنوط بجهاز تنفيذي يشرف على المجالس المنتخبة وهو وزارة الداخلية ، وقرار الحكم القضائي الذي تشرف عليه وزارة العدل  … وبين الحكامة والحكم اختارت الدولة مساحة تجريبية مقبولة وقانونية هي التوقيف لمجلس أصلا كان معطلا، واستعادة اختصاص التدبير المؤقت للمجلس الجهوي. مادام الصراع بين الأطراف استحال إلى حدود اليوم حلحلته بشكل سليم، يضمن تنزيل مشاريع تنمية تدخل في أجندة محددة زمنيا ومجاليا، بشكل تكاملي بين جهات الصحراء الثلاث … وتروم خدمة مواطني هذه المناطق، مواطنين أيضا يتحدث البعض عن أنه تم تجاوز صلاحية دورهم في بناء القرار المحلي! وهذا قول مردود عليه أيضا، فحسب رأيي أن وزارة الداخلية لم ترسل فقط رسالة مباشرة إلى كافة أعضاء المجلس الجهوي لكلميم واد نون، بل أرسلت كذلك رسالة إلى جزء مهم من ساكنة الجهة التي انخرطت في هذا الصراع، وما صح على الأعضاء المنتخبين، يصح على جمهور الجهة.

وما دام البعض يتحدث عن القانون والاختصاصات، إن القانون حدد دور المواطن أولا في التصويت، والمواطن قد صوت، ويحدد دوره أيضا في إطار مبدأ التشاركية وقيام المجتمع المدني بمهمة أن يكون قوة اقتراحية، فهل قام المواطن خارج طلبات المنح، وتوقيع كل طرف تابع لوائح احتجاجية ضد الطرف الأخر! في محصلة الأمر القانون والميثاق الجماعي تكلم عن جمع توقيعات ولوائح لاقتراح جداول الأعمال، الذي يتم توقيعه هو لوائح السب والقذف والتشهير
والمواطن أيضا من حقه أيضا كما تكفله له القوانين والتشريعات الوطنية والدولية، أن يحتج بشكل حضاري وسلمي، ونحن هنا نتحدث عن مجريات الأمور بالمجلس الجهوي لكلميم واد نون، ما حدث من تجمعات احتجاجية موجهة (تهديدات بالتصفية العرقية وخطابات الأبارتايد وحملات السب والقذف، والضرب …) هل هذا هو الاحتجاج الذي كان بإمكانه توجيه وإصلاح ما وقع ؟!!

إن الداخلية كانت صارمة مع الجميع، مع المجلس الجهوي ومع الشعب. وفي المحصلة ماذا قامت به وزارة الداخلية من خلال مؤسسة والى الجهة:

  • تفعيل وتنزيل المشاريع والاتفاقيات التي تم التصويت عليها بإجماع أعضاء المجلس الجهوي ما بين عامي 2017/2016 !

بمعنى أن الداخلية “أوقفت هدر الزمن التنموي للجهة” ، وليس فقط مجلس الجهة في آخر المطاف، وهذا هو المطلوب من المواطن، أما المواطن الذي يهمه فقط ماذا سيربحه من صراع طرف ضد طرف (لأن اتفاق الأطراف ليس فيه ربح شخصي لبعضهم من صفقات أو إكراميات..)؟ أو من سيحكم شلح أو عربي؟ هذه العينات كان قرار الدولة سليما معها كذلك في اتخاذ قرار توقيف المجلس ، كي يفوت عليها فرصة ابتزاز الطرفين والدولة أيضا! فالفساد لا يوجد بين أعضاء المجالس فقط بل بين بعض أفراد الشعب أيضا، والمؤسسات والدولة لا يجب أن تكون لعبة في يد العنصريين وسماسرة الحروب ومبتزي أعضاء مجلس الجهة، الذين ينتعشون في مستنقع الصراعات.

تكتبه: لطيفة الوحداني: عضو مجلس جهة كلميم واد نون

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك