الرئيسية » سياسة ومجتمع »

نزاعات ومحاور وتأسيس اللجان وحلول وزارية للقضاء على (الحلوف) والرحال

تعيش منطقة سوس ماسة درعة تحت هجمات متكررة للخنزير البري (الحلوف) الذي يفسد المزروعات المعاشية للساكنة المحلية، ويلحق الأضرار الكثيرة المادية والمعنوية الناجمة عن الهجومات المتكررة لجحافل هذا الكائن الحيواني، رغم توالي الشكايات التي تقدم بها السكان وفعاليات المجتمع المدني إلى الجهات والسلطات المعنيتين، كما سبق لعدد من الأطفال والنساء أن تعرضوا لهجمات هذا الحيوان في مناطق عديدة بأرياف إقليمي “سيدي إفني” و”تزنيت” ومناطق أخرى، ولتسليط الضوء على ما تعاني منه منطقة سوس من هذا الكائن الحيواني عموما ومنطقة “إمجاط” بالخصوص أعددنا التقرير التالي:

ربورتاج من إعداد: سعيد الكَـرتاح – مشاهد –

الفراغ القانوني

ومن بين أسباب النزاعات حسب “وزارة الفلاحة و الصيد البحري”، تتمثل في تقلص مجالات الرعي و توسيع فضاءات الزراعة والتعمير، وتوالي سنوات الجفاف ونزوح القطعان من مختلف مناطق المغرب، وكذا الفراغ القانوني الذي يعرفه المجال، في غياب قوانين تنظيمية لعملية الرعي عبر الترحال، ومحدودية تدخل الجهات الفاعلة المسؤولة عن حماية وتنمية الموارد الطبيعية، وغياب آليات تنظيمية تجمع كافة المتدخلين، إضافة إلى غياب الحوار وعدم التقارب في التخطيط القطاعي.

تقليص مساحات الرعي

وتعتبر النزاعات القائمة حسب الوزارة دائما بين الرعاة الرحل ومختلف المتدخلين، كـ”ذوي الحقوق” (السكان المحليين) الذين يشتكون من إتلاف المساحات المزروعة إلى جانب الرأي الآخر (الرعاة) الذين يشتكون من تقليص مساحات الرعي. وكذا “الجماعات الترابية”، التي لها صلاحيات فرض الرقابة على المخالفات، و”السلطات المحلية والإقليمية” التي تجبر أحيانا الرعاة على إخلاء مجال الصراع لتجنب حدوث نزاعات مأساوية، و”المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر” التي ترى عدم احترام المحميات من طرف الرعاة وضعف إمكانيات رجال المياه والغابات لفرض الرقابة على المخالفات، وأخيرا “وزارة الفلاحة والصيد البحري” التي تجعل المنافسة على تخصيص الأراضي إما لزراعة الصبار أو الرعي.

المأزق الإجتماعي

وفي هذا الصدد، ومن أجل معالجة كل القضايا والنزاعات المتعلقة بها، تقترح وزارة الفلاحة والصيد البحري حلولا للخروج من هذا المأزق الإجتماعي مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات والتدابير المتمثلة في البرامج التنموية للقطاع الفلاحي وقطاع تربية المواشي وتنمية المراعي عبر إنشاء وتجهيز نقط الماء، واستصلاح المراعي، والصحة الحيوانية، والتكوين والتحسيس، والبرنامج الاستعجالي لإغاثة الماشية ومحاربة آثار الجفاف بالمناطق المتضررة. وتهدف الحلول المقترحة من الوزارة إلى حل المشاكل المتعلقة بغياب تنظيم فعلي لمربي الماشية وتحديد جهات مسؤولة عن تطوير وتسيير الموارد وفض النزاعات، والافتقار إلى قاعدة بيانات بأسماء مربي الماشية وأعداد القطيع، وموارد رعوية غير محددة على وجه الدقة ومعرضة للتخريب والإتلاف، وضعف تفعيل إستراتيجية تثمين منتجات تربية الماشية وتنويع الموارد.SP_A1283

نزاعات ومقترحات

وقد تضمن العرض الذي قدمه “عزيز أخنوش” وزير الفلاحة و الصيد البحري أثناء اليوم الدراسي الذي نظم مؤخرا بـ”أكادير” حول “الرعي المتنقل بالمناطق الجنوبية للمملكة”، (تضمن) كل من محاور التالية: “حركية الرعي المتنقل بالمناطق الجنوبية”، و”مجالات الرعي المتنقل بالمناطق الجنوبية” و”سيناريوهات التنقل بين المجالات”، و”الجهود المبذولة لدعم تربية المواشي”. وكذا حول “إشكالية الرعي المتنقل بمجال الأركان”، المتعلقة بانعكاسات الرعي المتنقل بمجال الأركان وأسباب النزاعات، وكذا أنواع النزاعات، وقدم الوزير ثلاث محاور مقترحة للحلول، منقسمة ما بين التقني والتشريعي والتنظيمي. مشيرا إلى أن المناطق الجنوبية تغطي ما يقارب 50 % من المسالك الرعوية، فيما تبقى الكثافة البشرية جد منخفضة وثلثي الساكنة هم من مربي الماشية، فيما تأتي المناطق الصحراوية على رأس المناطق المغربية من حيث نسبة مربي الماشية (الرحّل) إذ هناك ما يناهز 48 % من مجموع مربي الماشية بالمنطقة كما تبلغ نسبة القطيع المعني 63 %.

المحور التقني والتشريعي

تتضمن محاور الحلول الثلاث المقترحة، المحور التقني الأول المتعلق بـ”تنمية وتهيئة المجال الرعوي” بخلق محميات رعوية بالمناطق الأصلية للرحل قصد توفير الكلأ لا سيما خلال فترات الجفاف مع تبيان معالمها، وخلق وتدبير مناطق رعوية مخصصة لاستقبال الرحل وفق منظومة تراعي الاستغلال العقلاني لهذه المجالات مع تجهيزها بنقط الماء لتوريد الماشية والمراقبة الصحية للقطعان المتنقلة، وإنشاء نقط الماء المخصصة لتوريد الماشية مع الحرص على التوزيع الأمثل للحمولة وتفادي الخلافات التي تنشب بشأنها بين الساكنة المحلية والرحال، وكذا استصلاح المراعي وإعادة إحياء الغطاء النباتي بالمناطق الرعوية المتدهورة، مع إنجاز تجهيزات البنيات التحتية الضرورية لفائدة الساكنة المحلية من مدارس ومراكز صحية وفتح مسالك قروية تتماشى مع خصوصيات هذه المناطق الرعوية.

من أجل معايير الجودة

فيما الشق الثاني من المحور التقني المتعلق بـ”تثمين وتنويع منتجات تربية الماشية” وذلك من أجل إحداث وحدات للتسمين التي من شأنها أن تساهم في تخفيف العبء على المراعي سواء على المستوى المحلي أو داخل مناطق شجر الأركان، وتثمين المنتجات المحلية من خلال تشجيع خلق وحدات للتسمين وجمع الحليب مع إنشاء مذابح عصرية تراعي معايير الجودة، وتحسين الإنتاجية للماشية من خلال التأطير وبرمجة دورات تكوينية لفائدة مربي الماشية وتنظيماتهم المهنية، وبناء وحدات تخزين الأعلاف لتحصين مربي الماشية من آثار الجفاف وتقلبات السوق، وتطوير الأنشطة المدرة للدخل لاسيما لفائدة أولاد وبنات الكسابة الصغار، وتطوير قدرات التنظيمات المهنية قصد تسهيل ولوج الأسواق الوطنية. ويتعلق المحور التشريعي الثاني حسب ذات الوزارة بـ”إعداد مواثيق رعوية على مستوى الجهات المعنية”، تكون أرضية متفق عليها من طرف جميع الفاعلين لاستغلال المراعي، وكذا إعداد قانون رعوي خاص بالمراعي ينظم استغلال وتدبير المجال الرعوي بما في ذلك ظاهرة الترحال، يشمل كافة التراب الوطني.

المحور التنظيمي

وفي المحور الثالث المتعلق بـ”التنظيمي” والذي يعتبر من أطول المقترحات الثلاث التي تقدمه الوزارة، والمتعلق أساسا بـ”تفعيل الآليات الخاصة بتقنين وتنظيم تنقلات الماشية بين المناطق الرعوية”، وذلك بتنظيم الكسابة في إطار تعاونيات رعوية أو جمعيات مع العمل على تقوية قدراتها وتطوير قدرات التنظيمات المهنية قصد تسهيل الولوج للأسواق الوطنية، وجرد وإحصاء مربي الماشية المتنقلين وأعداد رؤوس المواشي وذلك عن طريق وضع نظام تعريفي للحيوانات، مع إحداث مجالس من بينها “مجلس وطني للرعي المتنقل” و”مجلس إقليمي للرعي المتنقل” و”مجلس التحكيم والوساطة”، وكذا إنشاء “مرصد للاستشارة والمتابعة”، وتحديد المسالك والمسارات المخصصة لتنقل الرحل، وكذا مع ضرورة التوفر على رخصة الترحال بين المناطق الرعوية ممنوحة من طرف السلطات المحلية وذلك بناء على الشهادة الصحية للقطيع مسلمة من طرف المصالح البيطرية، إضافة تعزيز المراقبة الطرقية من طرف مصالح الدرك الملكي لرصد ومراقبة تنقلات قطعان الماشية المرحلة على مثن الشاحنات، ووجوب احترام الرحال للممتلكات والمنشآت الخاصة والعامة لمناطق عبور وولوج القطعان، وجرد وإحصاء مربي الماشية المتنقلين وأعداد رؤوس المواشي وذلك عن طريق وضع نظام تعريفي للحيوانات، إضافة إلى ضرورة توفر الرعاة على بطاقة الهوية، مع إلزامية توفر الشهادة الصحية للقطيع مسلة من طرف المصالح البيطرية.

تأسيس اللجان

SP_A1277

أثناء تفريغ الرحال الماشية

في ذات السياق التنظيمي، وفي الجانب المتعلق بتأسيس اللجان الإقليمية برئاسة العمال العمالات والأقاليم واللجان الجهوية برئاسة الولاة، تتأسس اللجان الإقليمية مكونة من أعوان السلطة المحلية، ورئيس المجلس اﻹقليمي، والدرك الملكي، والمدير الإقليمي للفلاحة، وممثل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وممثل الغرفة الفلاحية الجهوية، وممثل المياه والغابات ومحاربة التصحر، ورؤساء الجماعات الترابية المعنية، ورؤساء تعاونيات وجمعيات الكسابة، ونواب أراضي الجموع، وكل شخص ثبتت صلاحيته لإغناء عمل اللجنة.

من جهتها تتكون اللجان الجهوية في كل من عمال الأقاليم المعنية، ورئيس الجهة، والمدير الجهوي للفلاحة، والدرك الملكي، وممثل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ورئيس الغرفة الفلاحية الجهوية، والمدير الجهوي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، ورؤساء تعاونيات وجمعيات الكسابة، وكل شخص تتبث صلاحيته لإغناء عمل اللجنة. وتتمحور دور اللجان التالية حسب مقترحات الوزارة المعنية في تنظيم وتنسيق تنقلات القطعان بين مختلف الأقاليم والجهات المعنية والسهر على تطبيق الآليات المحدثة، وتتبع وتقييم مدى انجاز مقتضيات مخطط العمل، وتسهيل ولوج وتوزيع الرحال الوافدين من الجهات الأخرى، وتحديد عدد رؤوس الماشية المسموح لهم بالرعي، وفض النزاعات بين الرحال والساكنة المحلية قبل استفحالها.

وتنقسم مسؤولية الأطرف في إطار عمل اللجان إلى كل من “وزارة الفلاحة والصيد البحري” فيما يتعلق بالجوانب التقنية المرتبطة بتنمية المراعي وتربية المواشي في إطار إنشاء وتجهيز وصيانة نقط الماء، والصحة الحيوانية، وتغذية الماشية، وتثمين المنتجات الحيوانية، وتنظيم وتأطير الكسابة. وتحدد مسؤولية “وزارة الداخلية” في التنسيق عمل اللجان مع كل الجوانب المتعلقة بوصايتها على أراضي الجموع وتأمين وحفظ الأمن العام، والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في مجال اختصاصها بما يرتبط بتدبير وتنمية المجال الغابوي بما في ذلك غابة شجر الأركان، إضافة إلى الغرف الفلاحية والجماعات الترابية وتنظيمات الكسابة في دور المخاطب وتمثيل الكسابة.

للإطلاع على الجزء الأول من الربورتاج (“أعـْرَابْنْ” و”الحلوف” يتمتعان بعناية خاصة بسوس ولـ”إمجاط” نصيب منها) أنقر هنا

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك