لقد حان الوقت ليعرف المواطن النابوري من يسوق له الأوهام ويصنع الأراجيف، إذ لم يعد بالإمكان السكوت أكثر مما كان، فأن تدافع عن مواقفك التي تؤمن بها فهذه من المسلمات، لكن أن تقلب الحقائق وتزيفها وتحاسب الناس على اختياراتهم فهذه شوفينية لا يمكن القبول بها، إما أن تتقمص شخصية الانسان المثقف الواعي والمدرك الوحيد لحقائق الأمور فهذه هي الطامة الكبرى.
أن ترد على مقالاتي فهذا مرحب به، لكن أن تتهمني بالمحاباة والتطبيل لجهة ما، وتنسب لنفسك الحيادية والموضوعية، فهذه مفارقة يصعب أن يستوعبها أي إنسان عاقل، وإلا متى كانت المجاهرة بالعداوة وادعاء المصداقية يستقيمان؟، بلا أدنى شك أنا أعرف مواقفك مسبقا وبالنسبة لي هذا ليس مستغربا، فقد قرأت مقالات كثيرة لك، لكنني أبيت أن أرد عليها، لأنني أومن بأن الزمن كفيل بأن يظهر معادن الرجال، فان لم يكن اليوم فغدا.
وعليه، أتمنى ان يتسع صدرك لما سأقول، فقد أثرت الكثير من التساؤلات في ردك الأخير، وأنا هنا لأجيب عنها، وسأبدأ بالنقطة الأولى فيما إذا كان الآوان قد حان لتقييم عمل المجلس الحالي مقارنة مع المجلس السابق؟. نعم آن الآوان لتقييم أداء المجلس الحالي، ففي العرف السياسي في كل دول العالم يبدأ التقييم بعد مرور مائة يوم فقط، لا أن يتم الانتظار حتى تنتهي الولاية بكاملها، وعليه، فإن الأساس الذي بنيت عليه موقفي في هذا الجزء يستند إلى عرف سياسي متين كما أسلفت أنفا، ويؤسس لثقافة سياسية جديدة على الجميع أن يؤمن بها ويقبله.
المجلس الحالي إذن لم يقدم شيئا يذكر سوى البوم صور وكأننا أمام فرقة سياحية تستكشف جمال الطبيعة والمآثر التاريخية في بلد سياحي. أما حكمك على المجلس السابق بالفشل، فلا يمكن تفسيره إلا بالجحود والمكابرة والعدمية في المواقف، وبالتأكيد أعرف منطلقاتك وخلفياتك في هذا، وهي كرهك الشديد للرئيس السابق، والدليل على هذا مقالات سابقة وظفت فيها المسموح به والمحرم من الألفاظ، هذا فضلا عن محطات أخرى كنت شاهدا فيها، لذا رجاء لا تنسب الموضوعية والحيادية لنفسك مجددا.
ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات هي الأخرى أضحت عندك لازمة تكررها دائما، لذا أقول أنها ملاحظات عادية مرتبطة بسلطة التقدير، وهي موجودة عند كل المجالس على طول المغرب، فهل يجوز أن نتهم كل المجالس التي لها نفس الملاحظات بأنها مجالس فاشلة وفاسدة؟. هذا من ناحية، ثم ما مآل الاتهامات التي صرحت بها ضد الرئيس السابق بالفساد؟ خصوصا ما يتعلق بكراء مراب سيارة الاسعاف بمبلغ 1500 درهم؟. هل أغفلها تقرير المجلس الأعلى للحسابات؟ أم ذكرها؟ أم أنها غير موجودة أصلا إلا في مخيلتك؟.
أما الديمقراطية الحقيقية التي أردفتها بالتجرد والتحليل المنطقي للأشياء، فيبدو لي أنك تضمنها مقالاتك كي توهم الناس بأنك ديمقراطي حيادي ومتجرد، أما الحقيقة فأنت أبعد ما تكون عنها، وإلا لماذا تحل لنفسك ما تعيبه على الآخرين؟. هل نسيت كيف استنكرت ترشح شاب جامعي في لائحة حزب الرئيس السابق؟، أتحاسبه على حرية الاختيار أم ماذا؟. ثم كيف سمحت لنفسك لتصدر أحكام قيمة وتصف زملاء لك بانهم أفراخ لوبيات الفساد؟.
أما الأمية التي تراها عيبا تجلب المنقصة فهي ليست كذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان أميا وقاد أمة وأسس دولة لامثيل في العالم، أسوق هذا المثال فقط على سبيل الاقتداء لا المقارنة، ثم أن الحياة تتنافى ونظرية التنميط لأنها بنيت على التكامل والتعاون.
الرئيس السابق يحظى بشعبية جارفة وهذا ما يزعج البعض ويحاول بكل الطرق تشويهه والتنقيص من قدره لدى المواطنين. وكما قلت في المقال السابق، السحر انقلب على الساحر، ورب خسارة انتصار، أما ساكنة النابور فلم يسبق لها أن تعرضت للتحايل أكثر مما تعرضت له اليوم، وهي الآن تسأل عما إذا كان أولئك الذين خدعوها من السياسيين ومن يمشي في ركبهم يمتلكون ذرة شرف واحدة للحديث عن مصلحة النابوريين مرة أخرى، لقد سقطت الأقنعة وسقط معها أصحابها إلى غير رجعة.
بقلم: إبراهيم همان / تغيرت نيوز
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=20235