يستمر التهميش بشتى تلاوينه في جل مناطق الجنوب المغربي أو ما أضحى يسمى في مخيلة الدولة بـ”المغرب الغير النافع آو الغير المنتج”. صراخ في صمت الكثيرين يسمعه القاطن بإحدى دواوير المقاومة التي استرسخ فيها الأجداد دمائهم من أجل أن يعيش الأحفاد في ظروف مناسبة، لا أن يرتاح السلطوي وينهج الإقصاء عليهم.
نعي جيدا أننا لم نفقد الثقة في أحد، لأننا في الأصل لم نضعها في أي كان. فلا سلاح فكري ولا علمي أصبح يعطي مفعوله مع المؤسسات السياسية صاحبة القرار، من غير التجانس الشعبي المتمثل في الأشكال النضالية واستغلال المنابر الإعلامية، وهنا الحديث عن الدولي منها بعدما اكتشفنا أن المحلي في رفوف الطرف الأخر “أو البعض منه”.
إن الجانب الذي يغيب عن المنتج للقمع وللربوات هو ذاته الذي نستوعبه جليا فمسلسلات التماطل، الاختراق الداخلي، الضغط، ومقولات فرق تسود، رعي الجهل وجهل العلم … لم تعد تفرغ فينا الأثر السلبية بقدر ما نتخذها وجها لتموقع السلطة أو أصحابها في كفة تحمل الريش لا الحجر.
التصورات التي تنطبق علينا إنما هي على النضالات الشريفة كلها بالمغرب مؤطرا .ويعيش إقليم سيدي إفني على صفيح ساخن هذه الأسابيع بعد أن عادت الاحتجاجات السلمية للمنطقة، التي تحبذها بل وتسقي فيها عطش الصفحات العالمية والمغاربية.
حاملو المشعل هذه المرة الفئة التي تؤمن بمبدأ لا غير “قوة الشعب تغير مسار قرارات السلطوي”. إنهم من صاحبوا الفقر، التهميش، التمييز… وغيرها من الأساليب التي لم تنتجها الطبيعة، بل أسست لها العناصر التي “تحصل الضرائب بوجه مبتسم بعد أن جمعها الأب بتعب شريف”.
في التحام تاريخي إن لم نقل مألوف بعد نظيره بشأن طرد المحتل من الأراضي الخصبة. حرر طلبة المناطق المنضوية بعمالة سيدي افني (الأخصاص، أيت بعمران، أيت الرخاء، إمجاط، ملفا مطلبيا متكاملا بأقلام كانت تعرف أن مدادها سيستمر في اللمعان شرط الاستمرارية و احتواء التدخلات الخارجية.
40 يناير 2016 توجه ممثلوا الطلبة إلى العمالة بغية إيداع الملف العادل في أيادي المسؤولين. في خطوة تنم عن وعي فاقم يستوعبها الآخر الآن تماما، ايجابية ردة الفعل في ذلك اليوم لم تجعل من نوم الطلبة هادئا، بل كانت تنتظر لحظة طي بنود الملف ورميه إلى جانب العديد ممن يشابهه.
مرت شهور كانت مرحلة آو مهلة جد كافية لخادمي الشعب في التقدم ولو نسبيا في الشروع وتنفيذ الملف. لكننا للآسف لم نتلقى اتصالات منهم إلا بعد الإعلان الصارخ للشكل النضالي. ومن هنا بدأت المفاوضات المتباينة فقبل أيام قليلة عن الوقفة الاحتجاجية واكبنا تحركات نصفها بالمخابراتية لعل وعسى يهاب طالب الحق صوت المدفع في نسيان تام على أن الطالب ليس سوى حفيد من أغلق فواهة المدفع لتعيش أيها السلطوي فوق كرسي صنعه الحرفي لا أنت.
ومن هنا سنؤطر للمسار بذكريات سنوات الرعب والانتفاضة الشعبية التي خاضها أحفاد “أمغار سعيد” ضد الاحتلال الداخلي وهذه المرة. علاقة واضحة بين الحاضر والماضي القريب. وانطلق الشكل النضالي صباحا موازاة مع الأجواء الماطرة في منعرج يؤول بمنطلقات غنية. ومواصلة لسياسته المخزنية فقد سبقتنا قوى القمع آو الربوات كما سميناها بداية في سناريو متوقع بل ومحسوم.
نصف ساعة من الحدث وها هم خدام العمالة يطلبون لجنة للحوار مع أحد المسؤولين بنفس البناية. تقريبا الساعة 11 و45 دقيقة انطلقت المفاوضات، فبين رأي لتهدئة الأوضاع وبين آخر لا يطمح إلا في وثيقة تؤكد الالتزام بتنفيذ مقتضيات الملف نتج نقاش قوي.
وثيقتين فقط هي دلائل رئيس قسم الشؤون العامة، مع أننا لم نطلع جيدا على مضامينهما، وبعد أن طالبنا بنسخها رفضها متمسكا بذريعة مبدأ التحفظ وسرية المهنة، ناسيا تماما أننا طرفا أصليا في القضية ولا نتوسل له، إضافة إلى أن حقنا في الحصول على المعلومة مضمون في قوانينهم.
انتهى الحوار بدون ضمانات ملموسة بعد أن طغى الخطاب الشفهي المدعم بتصريحات تستغل الدين أحيانا، حاولا أن يتأثر أناس شاخوا في مثل هذه الأمور. وواصلنا الشكل وسط تطويق أمني رهيب ومعه اتفق الجميع على أن المعركة بدأت للتو، وحدد تاريخ انتهائها عندما يحقق آخر مطلب للطالب .ومن هنا جاء عنواني “فلتتحمل السلطات المحلية مسؤوليتها في تفاقم الأوضاع بمنطقة إقليم سدى إفني”.
يكتبه: رشيد بلوش
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=19677