ماهي الرؤيا التي يمكن إعطاؤها لإعلام تتداخل فيه مصالح وحسابات سياسوية؟، أليست المنابر الإعلامية التي أسس خطها التحريري على الاستقلالية والحياد في غنى عن هذه الازدواجية؟، و ما الذي يدفع بعض الصحافيين للدخول في غمار السياسة؟، وكيف هي نظرة الرأي العام والمتتبع تجاه الصحافي أو المنبر الإعلامي الذي يلبس لونا حزبيا؟، وأين نحن من إعلام نزيه ومستقل يجعل من إيصال الخبر اليقين دون تحريف ولا مزايدة هدفه الأسمى؟، وهل يمكن اعتبار الصحافي المتحزب صحافيا دو مبادئ إعلامية ديمقراطية نبيلة؟.
هي أسئلة واستفسارات من ضمن أخرى، أردت أن أستهل بها موضوعي هذا، ليس انتظارا في جواب معين أو ما إلى ذلك، بل فقط تساؤلات أردت من خلالها إشراك كل القراء، لا ربما تكون لديهم هم أيضا تساؤلات إضافية أو أجوبة أو نظرة معينة في الموضوع.
الإعلام والسياسة ، الإعلامي والسياسي، الصحافي المستقل والصحافي المتحزب، مؤسسة إعلامية ومؤسسة سياسية، الإعلام السياسي… كلها مترادفات وكلمات إذا أردنا تمحيصها ولو جزئيا، سيتطلب منا مجلد كامل ووقت طويل لتفسير وشرح كل حيثياتها، لكن سنقتصر فقط على جزء منها والذي يستأثر باهتمام المتتبعين كلما حان موعد الانتخابات، وهو انخراط بعض الإعلاميين والصحافيين في هذه الاستحقاقات، ودخولهم غمار العمل السياسي من أوسع أبوابه.
ظاهرة أكيد أنها ليست بجديدة في المشهد السياسي المغربي، بل أكثر من ذلك فهناك منابر إعلامية منذ عهد الحماية إلى بزوغ الاستقلال وصولا إلى يومنا هذا، هي بمثابة الناطق الرسمي لمؤسسات وأحزاب سياسية معينة، وأبرز مثال على ذلك بعض الجرائد الورقية، التي تم تأسيسها من طرف أحزاب بعينها وتحمل أسمائها، وتكون صلة وصل بين الحزب والقارئ، لتدخل التكنولوجيا والنظام المعلوماتي الجديد على الخط، ويكون هو الآخر أسلوب وطريقة جديدة تستجيب لمتطلبات العصر فيما يخص تسهيل نشر وإيصال المعلومة في ظرف خيالي.
دراسات علمية عدة أثبتت أن الشبكة العنكبوتية لها تأثير قوي وفعال أكثر من أي وسيلة أخرى، لهذا ففضاء الأنترنيت أوسع ورحب أمام الجميع وأمام كل المؤسسات أيا كانت طبيعة عملها ومجال اشتغالها، بما فيها المؤسسات السياسية التي تفتح بوابات ومواقع خاصة بها، بل أكثر من ذلك جرائد إلكترونية تكون هي الأخرى منبرا لها أمام المتصفح والمتتبع لكل جديد.
هذا النوع من المنابر أو هذا النوع من الجرائد الورقية والإلكترونية لا يمكن الأخذ عليه، كون خطها التحريري واضح وبين، ما يمكن الأخذ عليه هو تلك المنابر أيا كان نوعها والتي تخدم أجندة معينة سياسية كانت أو شيئا آخر ولا تصرح به، هذا النوع هو أكثر خطورة من ذاك، كونه يشتغل ويمرر أيديولوجيته من تحت السطور وبطريقة سلسة.
أما إذا عدنا للمنبر الإعلامي الذي أسس على أساس الاستقلالية والحياد والنزاهة في العمل، واستقطب زوارا وقراء من مختلف الفئات، ثم بين ليلة وضحاها ودون سابق إنذار ينخرط في العمل الحزبي ويلبس جلبابا سياسيا، هذا يطرح أكثر من علامة استفهام، لأنه بكل سهولة انحراف خطير وصريح عن خط تحريري كان في السابق يعتمد مبدأ الاستقلالية والحياد، لكن بهذا الانخراط والتصريح الفعلي لتوجه سياسي، نكون أمام حلقة ونظرة أخرى لهذا المنبر، والذي سنحيد وننزع عليه أوتوماتيكيا صفة المنبر والإعلام الحر والمستقل.
إسماعيل أقرعود: رئيس التحرير جريدة أكلو بريس
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=14152