مرة أخرى يتم استعمال السياسوية على حساب ذوي الحقوق بسيدي افني، وهذه المرة من نفس الطينة السياسوية المعتادة كلما حان موسم انتخابي، الفضل في هذه الإثارة تعود مرة أخرى إلى ممثل حزب الوافد الجديد في بضعة أشهر بمدينة إفني، والذي استغل سذاجة الناس وضعفهم المادي للحديث كل مناسبة عن أراضي إفني، وقد سبق وأن طرح سؤلا في غضون أشهر مرت على وزير الصحة، من أجل إنشاء مستشفى صحي بالمدينة وكتبنا مقالا آنذاك وتسألنا عن إجابة السيد الوزير وكيف يمكنه أن ينزل هذا المشروع على أرض الواقع؟، وكان جوابه باختصار إلى السيد البرلماني الذي لا يهمه في سيدي إفني غير البحث عن الوعاء العقاري، وحينما توفر الوعاء العقاري للسيد الوردي فوزارته مستعدة لتنفيذ المشروع، وهو ما حصل اليوم في رمشة عين ، و بـ110 مليون درهم…
لكن أسئلة نود أن نطرحها من جديد، وكلها تصل إلى إجابة واحدة هو أن “التاغوغ” أو حشرة الدودة التي تأكل الأخضر واليابس حاضرة في إقليم سيدي إفني أقوى مما تتصورون من كابوس، حشرة النموس التي تزعجكم، وأرعبتكم. ومناسبة هذا الكلام، هو الاستيلاء على أراضي الساكنة الغير المبرر ظلما وعدونا، قد يقول قائلا: أننا ضد وجود مستشفى أو مصلحة عامة بالمدينة، وأن ساكنة سيدي إفني ما أحوجها إلى مستشفى بالمدينة في هذه الظروف اللئيمة … نحن لا نخالفهم الرأي، بقدر ما نحاول في هذا المقال إبراز مكامن الخلل، ولعل المزيدات السياسية لا يجب أن تكون على حساب ذوي الحقوق من البسطاء.
حتى أقربكم من الصورة ويتهموننا وكعادتهم مرة أخرى بالعدمية، فما عليكم إلا التحري إن كان أصلا ترغبون في ذلك، وما علي إلا أن أخبركم أن المكان الذي سينشأ فيه المستشفى يا سادة معروف بأمزدوغ، وهو المكان الذي وقعت فيه الاتفاقية التاريخية بين الإسبان والباعمرانيون مقابل الاعتراف بأعرافهم وقوانينهم بل احترامها أيضا، ولم تكن أرضا تابعا للإسبان يوما، أو سبق لهم أن تصرفوا فيها باستثناء المطار الذي أعاره سي أحمد البشير المستاوي للإسبان مقابل شروط، بل أمر أمغار قبيلته مستي حينها، بجمع الأموال عند أفراد قبيلته مقابل دعم بنائه ماديا ولنا في التوثيق ما يكفي من كتب ووثائق اسبانية، بل أدلة عن أصل تملك هذه الأرض كتبها عدول وموثقي المنطقة، ونظرا لكون أحد موظفي مصلحة الأراضي المخزنية السابق قام بما يحلو له، بتواطؤ مع محافظة تيزنيت، وربما قسم التعمير في عهد مامي باهيا العامل السابق.
قد سبق له أن وفر أرضية في عين المكان لإقامة عمالة الإقليم، كما تلاعب بمصالح الناس في توافق مشبوه مع بلدية إفني وفي انشأ البناية الحديثة التكوين دون احترام أبسط القوانين المتعلقة بقانون نزع الملكية، وقد سبق لي أن أشرت إلى كون هذا الشخص العالة على ساكنة إفني، قام عدة مرات بتفويت عقارات وكراء البعض منها باسم الأراضي المخزنية عنوة دون سند قانوني، بل لم تسلم منها حتى البوادي ودون علم مسبق من الأطراف المعنية من السكان، وكان يستدل في الوهلة الأولى لإثبات أصل التملك على محضر اتفاق 30 يونيو 1969، لكن بمجرد أن نبهته شخصيا عن ضعف هذا الاستناد، وعن تداعيات ذلك باستعماله اتفاقية دولية في المحاكم المغربية، رد عليا “نتا ما بقا ليك غير السماء أما الأرض تاع كلها”، سماحاه الله! وأنا الذي لا أتوفر حتى بقعة خاصة، رغم أن مالكي أصول أرضي أبو الخطوط، معروفة في سيدي إفني ومنها أرضي أمزدوغ، وحيث أن هذا الأمر زاد عند حده لعدة اعتبارات:
أولاها: أن رئيس مصلحة الأراضي المخزنية إلى وقت قريب كان يتحمل هذه المسؤولية، وفي نفس الوقت كان محاميا لدي هيئة أكادير، وكان الفضل لبعض الغيورين في إلا بلاغ عنه لدى هيئة المحامين بأكادير التي اتخذت العزل في حقه، نظرا للمذكرات التي يعدها سلفا ضد بسطاء الناس وتوريطه للآخرين في الاغرار بهم تحت طائلة التفويت بثمن رمزي، وأيضا استمراره في انتزاع عقار أيت بعمران لصالح الأراضي المخزنية بدون موجب قانون.
ثانيا: إن التمعن في كيفية تدبير هذا العقار ونسبه إلى الأراضي المخزنية يحتاج إلى مساءلة المتورطين، ومنها قسم المحافظة العقارية بتيزنيت التي تحتفظ على الآلاف من مطالب التحفيظ في رفوفها دون إحالتها على المحاكم، بينما تسهل عمليات تحت الطلب، وتستند في التأشير على مطالبها المحسوبة على “الدومين ” أو مصلحة الأراضي المخزنية إلى وثيقة غير مؤشر عليها تعود إلى محلف بطنجة، وما أدراك ما هذه الترجمة وما بالك بالمحلف الذي نجهله؟، والذي قيل لنا أن مكتبه يوجد بمقربة السفارة الفرنسية في الستينات، ولا علاقة له بالترجمة إلى الإسبانية، وينتابنا شك في طريقة ترجمة تلك الوثيقة ولا التوقيع الذي وهو عبارة عن نسخة خاتم غير موقع.
ثالثا: إن غالبية نسخ الوثائق والتي اختفت أصولها من محكمة التوثيق بمركز إفني تحتاج هي الأخرى للمساءلة، أو على الأقل تدخل وزير العدل إلى إصدار قرارا يعترف فيه بنسخ أملاك الساكنة بمركز التوثيق بسيدي إفني، وبالمناسبة فهي بناية مهترئة ما زالت تحتفظ بفسيفساء وهندسة الكنيسة الاسبانية، بل تصدر فيها أحكام إلى حدود اليوم مثل قضاء القرب، وترفرف على بنايتها علم المغرب ..
إجمالا، لا يمكن أن ننوه بأي شخص كان يتخذ حقوق الناس مططا للركوب، ونستثني الوزير الوردي، الذي تلقى الضوء الأخضر ببناء المستشفى الجديد بالإقليم دون أن نعرف مال المستشفى القديم، الذي اعتبرته إسبانيا إبان حمايتها على المدينة من أكبر مستشفيات غرب إفريقيا، وقد لا نتعجب يوما من أصحاب ذوي النيات السيئة على كثرتهم، إذا قالوا لكم أنهم المستشفى آيل للسقوط يحتاج إلى الهدم و سيحولونه حتما إلى عمارات للكراء أو منتجعات سياحية … لأن مثل هؤلاء الجشعون، بإمكانهم أن يقدموا على أي شيء، خاصة إذا كان ذلك يدير عليهم أموالا طائلة ، ولعل الودادية السكنية التي عرقلت نشاط المطار خير دليل على ذلك، والغريب في الأمر أن اليوم تتواجد على حافة البحر، وعلى طبقة هشة، قابلة للتآكل مما يصعب من صمودها أمام تغييرات المناخ وتهدد أرواح الناس.
وللتذكير، وكما يشاع أيضا بين عامة الناس، إن إعداد هذا المشروع تم عن طرق صفقة من طرف وزير السكنى الفاسي السابق، وبقرعة “ويسكي”، تم التوقيع على تفويت الأرض لصالح الودادية، التي تشهد اليوم تعرضات من طرف سماسرة العقار وملمين بهذا المجال حال دون تحفيظها، كما أن التمعن في نماذج تصاميم البنايات المتكررة والبيوعات يكشف أن بعض من المسؤولين، يا حسرة أقدمو على شراء بقع في الودادية ووضعوها تحت أسماء زوجاتهم، ويعاني عامة الناس من ابتزازهم دون حشمة وحياء …، والأذكى من كل هذا هناك أطراف أخرى ليس في مصلحتها تعليق إعلانات التحديد الصادرة عن المحافظة العقارية بمراكز الأسواق مثل قيادة مستي، لأن طبعا ساكنة مستي هي المعنية بأراضي إفني، من أسيف “وندر” إلى ساحل “نعالة مستي”، ويبق المسؤولين في هذه الحالة تحت الطلب بتعليقها وبدونه بباشوية إفني، وهو ما يسهل عملية التحفيظ لصالح لوبيات العقار.
إن ما يحز في نفس الإنسان سوي الفطرة مشاهد الظلم التي تتكرر في سيدي إفني ومنها ما يستمر في شهر رمضان تحت مبررات كثيرة أبرزها “المصلحة العامة، والاستثمار …” و طمس حقيقة أصول الأراضي التي يتم الترامي عليها، بل اعتماد على وثائق مشبوهة التي تبيح (حسب اعتقاد معديها) عقاب “لأيت بعمران ” و”المتعنتين ” و”أولاد السبانيول …” بالقتل النفسي، والتفنن فيه على الطريقة “السيزفية ” مثيرين بذلك اشمئزاز لأولاد البلاد.
أي شريعة وأي قانون يبيح لدعاة الغطرسة والكذب على الذقون، هؤلاء أن يرتكبوا هذه الخروقات البشعة والفظاعة المقززة في حق أناس أبرياء ليس لهم أي ذنب فيما يقع بدون أن يعوا الآثار التي تنتجها أفعالهم البلهاء هاته من انتشار ظاهرة قوارب الموت، التي تحاكم اسبانيا أفراد منها يوم 16 خوليو2015 في محاكم جزيرة تنيريفي، رغم أنها هي المسؤولة حقيقة عما يقع في إفني، ولا من يتحرك ساكنا من مسؤولي هذا البلد حكومة، ومعارضة…، ناهيك عن زرع بذور التيئيس بين ساكنة الإقليم عامة ، وزعزعة أمن الناس باعتقال رئيس البلدية المعزول الذي صوتت عليه الأغلبية ولم يزج به في السجن بالفساد المالي…، بل تهجيرهم عن أرضهم وإشاعة الخوف المقيت بينهم…؟ أنها حقا حكم “شريعة الظلم” في سيدي إفني.
بقلم: عمر افضن / تِغِيرْتْ نْيُوزْ
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=12837