الرئيسية » ثقافة وفن »

(فيديو) .. من المسؤول عن العبث بذاكرة المواقع الأثرية والمعالم التاريخية بـ”إفران” الاطلس الصغير؟

تشكل الاثار التاريخية  في دائرة بـ”إفران” الاطلس الصغير، ذاكرة ثقافية، وخزانا تاريخيا، يرف داخله جملة من الأحداث، والوقائع التاريخية، لا شاهد عليها اليوم إلا تلك الاثار التي يدق ناقوس الخطر فوق أطلالها، لعل قسوة قلب المسؤولين في تلك الربوع تلين لصوت تلك الكنوز.

في ظل هذا الوضع، وفي الوقت الذي نجد فيه كل المدن والمناطق الأخرى تصُون مآثرها ومعالمها وتُخصّصُ لها ميزانيات الترميم والإصلاح والتعريف بها، نجد العكس من ذلك تماما هو الحاصل على مستوى جماعة “إفران” الاطلس الصغير بـ”إقليم كلميم”، حيث ظل الطابع الذي يميز التعامل مع هذا الموروث التاريخي هو العبث بذاكرتها وتعرضها للحفر أو الهدم والضياع والتدمير (نموذج التكنة العسكرية القديمة و مرافقها). أو أنها تعرضت للتطاول تحت ذريعة إقامة مشاريع سياحية، وكأن المشاريع السياحية والاقتصادية لا تتحقق ولا تُنجز إلاّ على حساب طمس المعالم التاريخية لهذه المنطقة. علاوة على العديد من البنايات والقصبات الأخرى (قصبة مولاي اسماعيل ،…) التي كان مصيرها الضياع والإهمال. http://www.youtube.com/watch?v=t_VNDXJ9KJ4

فإذا كانت المشاريع السياحية والاقتصادية أساس التنمية، فإن هذه الأخيرة لا يمكن أن تتحقق على حساب هدم المعالم التاريخية وتدمير البنايات والمواقع الأثرية والتي آلت إلى وضعية خطيرة على قلّتها حيث لم يتبقى منها سوى الخراب وركام الأحجار.

خلاصة القول أنه مما لاشك فيه، ٍأن كل من استطاع اليوم أن يدعوا أو يساند أو يصمت أو يخرب ، بناءا أو معلما ذو قيمة معمارية أو تاريخية  أو فنية أو سياسية أو بيئية أو اجتماعية  أو دينية …، يستطيع أن يخرب كل مظاهر الحضارة غدا بل وأن يبيع “إفران” في أي مزاد بأبخس الاثمان. أقول هذا ايماننا مني أن هناك ضرورة ملحة، تقتضي تدخلا عاجلا لإنقاد ما تبقى من المعالم التاريخية بدائرة “إفران” الأطلس الصغير أولا، ومتابعة كل من ساهم في  تخريب أو هدم ولوا جزءا يسيرا من هذه المعالم ثانيا، لأنه خرب جزءا كبيرا من الذاكرة الثقافية والسياسية والدينية للمنطقة. وبناءا على كل ما سبق، فإننا نعتبر المسؤول الأول عما لاحق هذه المعالم التراثية من خراب وإهمال وهدم ، هما الماسكون بتسيير دواليب الإدارة المحلية من سلطات محلية ومجالس منتخبة.

وهنا نشير أن مجال “إفران” الأطلس الصغير بتقسيماته الاربعة التاريخية تزخر بالكثير من المعالم ، والتي لم يرمم و لم يبق إلا قليلا منها شاهدا على تاريخ المنطقة، بما في ذلك التاريخ العسكري والديني. فالمجال يزخر بالعديد من البنايات التاريخية كالثكنة العسكرية ومرافقها والقيادة القديمة وقصبة “احدادو” و”اكادير نتباحنيفت” ….. الخ ، والتي تعد اليوم اثارا تاريخية تحفظ تاريخا عسكريا واستعماريا، و مقاومتنا. والأمر نفسه يقال عن الكثير من المرافق الدينية كالمساجد والمدارس العتيقة التي تحفظ تاريخا عريقا من الذاكرة العلمية والدينية المحلية.الخراب

بيد أنا الملاحظ اليوم ، هو أن تلك المعالم تتعرض لعملية إهمال وتخريب مستمرة وممنهجة، فقد تم هدم بعض المرافق العسكرية لتشيد الطرق الثانوية إرضاء للهواجس السياسوية، و يثم اعداد مشاريع في الكواليس لتفويت البقية للخواص وحرمان الساكنة من تاريخه الذي لا يقدر بثمن. فيكفي المرء أن يدخل اليوم إلى بناية تاريخية خلفها الاستعمار، وتحولت في ظل الاستقلال إلى قيادة لكي يعرف مباشرة حجم الإهمال التي لحقت هاته المعالم. وهو الأمر نفسه مع المرافق الدينية حيت ثم هدم مساجد يفوق عمرها ثمانية قرون  ليتم تشييد مكانها بنايات اسمنتية وكذلك ثم تخريب الملاح اليهودي بدعوى خلق مشاريع سياحية. وكم يكون الوقع مؤلما عن النفس السوية إن تجرأت و سألت المسؤولين المحليين عن الواقع المؤسف لهذه المعالم العسكرية والدينية، حيث ستكتشف حجم جبروت ومخططات هؤلاء المسؤولين الطغاة ضد هذه المعالم، مخططات الهدم أو التفويت في أحسن الأحوال.

لقد بقيت بعض تلك المعالم التراثية صامدة أمام قساوة الطبيعة، وجبروت المسؤولين الطغاة، وهو ما يجعلنا نرسل من خلال موضوعنا هذا المتواضع دعوات و طلبات إلى المهتمين محليا ووطنيا ودوليا، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني المهتمة والمتخصصة في حماية الاثار والتراث الثقافي، للتدخل قصد وقف الجرائم الثقافية بالمنطقة.

بيد أن أكثر ما يحز في النفس ونحن في حوار مباشر مع هذه المعالم التاريخية بالمنطقة، أن زمرة من الأشخاص يؤسسون جمعيات تعمل على تمويل أنشطة وولائم سياسوية بميزانيات ضخمة من المال العام وبدعم من بعض الكائنات الانتخابية ، هؤلاء المسؤولين عن هذه الجرائم الثقافية.

بقلم الكاتب: محمد امنون “تِـغِيرْتْ نْـيُوزْ” / إفران – الأطلس الصغير*

*باحث في التراث و التنمية

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك