الرئيسية » تربية وتعليم »

التعليم بالتناوب و”البروتوكول الصحي” … مهزلة أخرى بعد “التعليم عن بعد”

تغيرت نيوز

التعليم عمومـاً، وبإقليم سيدي إفني خصوصـاً، وبإمجاض نموذجـاً، التعليم هنا كباقي ربوع هذا الوطن، بين سندان الواقع الـمر، ومطــرقة البروتكول الصحي الذي أنْزِل على المتدخلين في الشأن التربوي ضيفاً ثقيلاً غير مــرغوب فيــه، وعُقـدت بالمناسبة اجتماعات كثيرة ومتكررة هنا هناك، محلياً وإقليمياً وحتى جهوياً، قصد إيجاد حلول جدرية لتنفيذ ما جاء به البروتوكول الصحي الموجه إلى المؤسسات التعليمية.

الجميع من منتخبين، ممثلي السلطات المحليـة، ممثلي السلطات الإقليمية، ممثلي جمعيات الآباء وأولياء التلاميذ، ممثلي الجمعيات المسيرة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية دور الطالب والطالبة، ممثلي الجمعيات المسيـرة للنقل المدرســـي، أكدوا أن تطبيق البروتوكول الصحي أمــراً صعبـاً ومستحيلاً، ولا يـُمكن تطبيق بنوده وفق الإمكانيات المتوفرة حالياً لدى الهيئات الرسمية والمدنية السالفة الذكر، ولأسباب متـعددة.

كما أشرنا سابقاً، ورغـم أن جميــع المتدخلين في الشــأن التربوي محلياً وإقليمياً يعترفون ضمنياً أن تطبيق البروتوكول الصحي غير مـمكن وصعب ومستحيل، إلا أنهــم يعمــلون ما في وسعهم من أجل احترامـه ولو على الــورق، وهـم يعلمــون جيداً أن تطبيقه رهين بإرادة الدولـة بمختلف مؤسساتها، غير أن هذه الإرادة منعدمة، في حين هناك من مؤسسات الدولة من يتهرب من المسؤولية، ويعمل جاهــداً تحميل المسؤولية الكاملة للجمعيات المسيرة لهذه المرافق الاجتماعية.

صحيح أنه في وقــت سابــق، الجميــع يتجاوزون القانون، مؤسسات الرعاية الاجتماعية لدور الطالب والطالبة يستقبلون ما يفوق طاقتهم الاستيعابية المرخص لها باحترامها، نفس الشيء بالأقسام الداخلية والإطعام والإيواء بالمؤسسات التعليمة، وحتى في عدد التلاميذ والتلميذات في كل قاعة، كما هو الشــأن للجمعيات المسيرة لمـرافق النقل المدرسي الذي يتجاوز عدد المستفيدين الطاقة الاستيعابية للحافلات.

غير أن تجاوز القانون في هذا الشأن، الهدف منه المساهمــة مع الدولــة ومساعدتـها بالرقي بمجال التعليم، وكذلك من أجل ضمان استفادة تلاميذ وتلميذات العالم القروي في حقهم من التمدرس إسوة بزملائهم في الحواضر، وبذلك نجحت الدولة في محاربة الهدر المدرسي لا سيما في صفوف الفتيات بالعالم القروي، بالتالي، فالسلطات المعنية بالمراقبة بمختلف أصنافها، تتغاضى في المتابعة القضائية لمسيري هذه المؤسسات، (دور الطالب (ة)، النقل المدرسي، المؤسسات التعليمية …)، لأن تـجاوز القانون تقتضيه المرحلة، والهدف وراء هذا التجاوز للقانون أسمى من القانون نفسه.

لكن اليوم، ونظراً للظروف الصعبة التي يمر منها العالم عموماً والمغرب كذلك، في ظل جائحة كورونا “كوفيد-19” التي فرضت مجموعة من الاجراءات الاحترازية للوقاية من انتشار الفيروس، فالجمعيات المسيرة للمرافق الاجتماعية السالفة الذكر والمؤسسات التعليمية أمام أمرين أحلاهما مُر، وهما اليوم بين مطرقة “البروتوكول الصحي” وسندان “الواقع” الذي  فرض أشياء أخرى لا يعلم بها مُحرري البروتوكول الصحي من 12 صفحة، ولا يعلم بها محرري مذكرة وزارية من 60 صفحة.

للعودة إلى إقليم سيدي إفني، وبالتحديد جماعات إمجاض الخمس، فلا يـُمكـــن احترام البروتوكول الصحي بتاتاً، ولا يمكن تطبيقه كما “أُنْزلَ” من الرباط، وسأخص بالذكر لا الحصر الجماعة الترابية تغيرت وحدها، حيث توجد أكبر مؤسسة تعيليمية، وهي الثانوية التأهيلية محمد اليزيدي، وتجاوز عدد المتمدرسين بها 1000 تلميذ وتلميذة، والطاقة الاستيعابية لدار الطالب تغيرت في الظروف العادية 64 سريراً، فيما الطاقة الاستيعابية لدار الفتاة في الظروف العادية أيضاً 48 سريراً، فيما مرفق النقل المدرسي لا يتوفر إلا على 03 حافلات.

الأسئلة المطروحة: ما العمل إذن؟، كيف يُمكن اشتغال هذه المؤسسات في مثل هذه الظروف الاستثنائية؟،، هل يـُطبقُ القانـون (البروتوكول الصحي) بحذافره في هذه الظروف؟، أم يـُسمح بتجاوز القانون من أجل ضمان السير العادي للتعليم؟. كلها أسئلة لابد من الإجابة عنها، ويجب أن تُطرح في الاجتماعات التي يتم عقدها هنا وهناك، ويجب الإجابة عنها ويتحمل الجميع مسؤوليته الأخلاقية أولاً والقانونية ثانياً.

في هذه المقالة، تمت الإشارة إلى ما يتعلق بالطاقة الاستيعابية فقط، ولم نتحدث بعد عن توفر الإمكانيات المالية واللوجيستيكية والبشرية لتطبيق البروتوكول، لأن هذا الموضوع وحده “معضلة” كبيرة سيـحول دون تطبيق ولو 10 في 100 منه، وإلى ذلكــم الحين، تقبلوا صراحتنا المرة.

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك