الرئيسية » الافتتـاحيـة »

الموسم على الأبواب … والمقبرة للكلاب الضالة

سور المقبرة الذي هُدم بفعل السيول جراء الأمطار الأخيرة

تنطلق فعاليات الموسم المسمى “الديني والتجاري سيدي اعمر” بالمركز القروي للجماعة الترابية تغيرت إقليم سيدي إفني ابتداء من يوم الاثنين 19 غشت 2019 إلى غاية الـ23 من نفس الشهر، على غرار باقي المواسم والمهرجانات التي يتم تنظيمها هنا وهناك، في المدن والقرى، وفي السهول والجبال، مع كل فصل صيف، وما موسم سيدي اعمر إلا موسم من بين هذه مئات المواسم التي يتم دعمها ماديّاً ومعنوياً من طرف المجالس المنتخبة، محليّاً وإقليميّاً وجهويّاً.

لا شك أن هاته التظاهرات تـُساهم أحياناً في الرواج الاقتصادي والسياحي، وفي التعريف بمؤهلات المنطقة، وكذا المساهمة في التنمية الثقافية والرياضية وغيرها، وإن كانت لها سلبيات أخرى، لا سيما على المستوى المناطق الجبلية الأمازيغية المحافظة، غير أن موضوع اليوم لا يهم كل هذه المجالات المذكورة، بل سيـُناقش جانب آخر، هو سياسي وحزبي بالدرجة الأولى، قبل أن يكون تجارياً ولا ثقافياً ولا شيء آخر.

موسم سيدي اعمر، الذي نـُظمت فعاليات أول دورته سنة 2014 من طرف المجلس الجماعي. فقبل التنظيم، أقيم حفل الافتتاح بجوار المقبرة التي دفن بها “سيدي اعمر”، وقبل الافتتاح، ثم تسوير إصلاح وصيانة المقبرة وضريح للوالي “سيدي اعمر”، احتراماً لحرمة الموتى أولاً، وعلى هامش فعاليات الدورة الأولى، عرفت التظاهرة أنشطة ثقافية ورياضية تتمثل في تنظيم دورات تكوينية وندوات فكرية ومسابقات رياضية وأخرى دينية كمسابقة تجويد القرآن الكريم.

غير أن الدورة السادسة التي ستـُنظم ابتداء من 19 غشت 2019 إلى غاية الـ23 من الشهر نفسه، سـتـُنظم على واقع تخريب مقبرة “سيدي اعمر” الكائنة في مدخل جماعة تغيرت، نتيجة الأمطار الغزيرة التي عرفتها المنطقة من قبل، والذي أودت بخسائر مادية في بناية المقبرة، وتحولت المقبرة ركام، وإلى مرتع للكلاب الضالة، بعد أن هُدم سور المقبرة في الجانب الوادي بالكامل، دون أن يتدخل المجلس الجماعي لجماعة تغيرت لإصلاحها أولا احتراماً لحرمة الموتى المدفونين بتلك المقبرة.

وإن كانت إحدى فقرات المادة 83 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية 113.14، تنص على أن الجماعة تقوم بتدبير المرافق والتجهيزات في عدد من المجالات، لا سيما إحداث وصيانة المقابر، غير أن الجماعة في إطار الدعم الخاص بإصلاح المقابر الذي حصلت عليه من طرف وزارة الداخلية لإصلاح مقابر الجماعة، تجاهلت هذه المقبرة التي تحمل إسم “الموسم الديني”، وعوض أن تقوم بإصلاحها قامت ببناء مقبرتين جديدتين في منطقتين مختلفتين، علماً أن المنطقتين ليستا بالحاجة إلى تلك المقبرتين، وإنما تم ذلك خدمة لأجندة انتخابوية لا أقل ولا أكثر.

يقول المثل الأمازيغي (طْنْزْ وَنَّاتْ إقْبْلْنْ أمُويْخْشْنْ، أوْرْدْ وَنَّاتْ يِسَلاَنْ)، وبالتالي، فالذين قبلوا المجلس الجماعي أن يـُمارس عليهم “طنز ديالو” هم الذين يدعون أنهم من حفدة الوالي الصالح سيدي أعمر، والذين أنفسهم أسسوا جمعية تحمل الاسم، والذين يـُطَبِّلُون للمجلس يميناً وشمالاً، ولم يـُكلفوا أنفسهم عناء مطالبة المجلس بإصلاح مقبرة يقولون أن أجدادهم دُفِنُوا بها.

إن المجلس الجماعي اليوم، قبل أن يُـفكر في كيفية تدبير أنشطة الموسم، عليه أولاً أن يحترم القانون التنظيمي للجماعات الذي يمنحه صلاحيات صيانة المقابر بإصلاح مقبرة “سيدي اعمر” كي لا تكون ملاذاً أمناً للكلاب الضالة، وأيضا احتراماً نفس المادة من نفس القانون التي تمنح للجماعة صلاحية السير والجولان وتشوير الطرق العمومية ووقوف العربات، وذلك بتنظيم السير خلال فعاليات الموسم، وكذا تنظيم أماكن وقوف العربات.

أستغرب كما يستغرب المتتبعون للشأن المحلي، كيف تداول المجلس الجماعي لجماعة تغيرت خلال أشغال دورة ماي 2019 الماضية بخصوص هذه النقطة، حيث جاء في المقرر المتخذ أن “المجلس الجماعي لجماعة تغيرت صادق وبإجماع أعضائه المصوتين على رفع ملتمس إلى وزارتي الثقافة والاتصال والداخلية قصد الحصول على دعم وتمويل، وكذا تكليف المصلحة التقنية لإعداد تصور شامل وبطاقة تقنية لمعالجة مشكل الاكتظاظ الذي يعرفه المركز خلال أيام الموسم.”

إن الاكتظاظ الذي يعرفه المركز خلال أيام الموسم وبغير الموسم، ولنا في يوم السوق الأسبوعي خير دليل، غير أنه إلى حدود الآن لم يتم إعداد أي بطاقة تقنية أو تصور شامل لمعالجة مشكل الاكتظاظ، في حين أن المجلس لم يـُناقش إن كان المقرر قانوني أو غير قانوني، حيث لم تنص ولو مادة واحدة  في القانون التنظيمي للجماعات الترابية 113.14 أن من صلاحيات الجماعة تنظيم المواسم والمهرجان، باستثناء ما ذكر في المادة 83 السالفة الذكر، أن الجماعة تقوم بإحداث وتدبير المرافق العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب لمعارض الصناعة التقليدية وتثمين المنتوج المحلي، اللهم إن كانت هناك شراكة بينها وبين تنظيم جمعوي آخر.

سعيد الكرتاح: تغيرت نيوز

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك