الصبار شجرة معطاءة، ضاربة في الأرض جذورها، استمد منها الإنسان البعمراني الصبر و المقاومة لتحرير الأرض و التشبت بهويته المغربية الأصيلة، كثيرا ما أثنى أجدادنا على نبات الصبار وصموده و مقاومته لأشد فترات الجفاف التي تعرفها المنطقة لسنوات متوالية، حيث وفر لهم الزاد في سنوات القحط صيفا و شتاء بفاكهته الغنية بمختلف العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم و وفر لماشيتهم العلف في أوقات عصيبة أمسكت فيها السماء غيثها و جفت فيها شرايين الحياة و احتضر فيها الشجر. واحات خضراء في بيئة قاحلة و جافة، توفر القوت للإنسان و العلف للحيوان بدون ري و لا معالجة بشكل مستدام.

الحشرة القرمزية تصيب نبات الصبار خاصة من نوع Opuntia ficus indica
فهل كان أجدادنا يتوقعون أن يستسلم هذا النبات المقاوم يوما لحشرة صغيرة، ما زال أحفادهم يجهلون عنها الكثير: متى و أين ظهرت؟ و كيف وصلت لعاصمة الصبار في المغرب؟ ما تأثيرها على صحتهم و على صحة ماشيتهم؟ و آثرها على مورد رزقهم؟ و ما هي سبل محاربتها؟
لتنوير الرأي العام البعمراني حول هذه القضية، والقارئ بصفة عامة خرجنا إلى الميدان لاستقصاء المعلومات و استفسار المسؤولين عن شؤون الفلاحة بالإقليم؟ و نقل صدى و تأثير ظهور هذه الحشرة على المنطقة و سكانها الذين يعتمد معظمهم على منتوج هذا النبات كمصدر للعيش.
زراعة الصبار في إقليم سيدي إفني: أرقام و معطيات تنطق بواقع هذه الزارعة.
تشير تقديرات مندوبية الفلاحة بإقليم سيدي إلى أن المساحات المغروسة بنبات الصبار تبلغ أزيد من 50000 هكتار ، و يتضح من شساعة هذه المساحات المغروسة الأهمية التي يوليها سكان هذه المناطق للصبار و كذا الاهتمام المتزايد الذي يوليه مسؤولو الفلاحة بالإقليم لهذا النبات خاصة بعد اعتماد مخطط “المغرب الأخضر”. إن الاهتمام الذي يحظى به هذا النبات في عاصمة الصبار بالمغرب ليس بغريب إذا علمنا أن منتوج الصبار (فاكهته) بالإقليم يمثل حوالي 30 % من الإنتاج الوطني و يشكل المصدر الرئيس للدخل المحلي (57 % من إجمالي النشاط الفلاحي بالمنطقة، حسب احصائيات مسؤولو قطاع الفلاحة بالإقليم).

اهتمام متزايد بنبات الصبار من طرف الساكنة و مسؤولو الفلاحة بالإقليم.
الحشرة القرمزية: الخطر المدمر، ماهيتها، وتأثيرها على نبات الصبار.
تعتبر أمريكا الجنوبية الموطن الأصلي لهذه الحشرة التي تدعى بالحشرة القرمزية، أما صنفها فهو Dactylopius opuntiae ظهرت هذه الآفة بالمغرب سنة 2014 بإقليم سيدي بنور، ثم انتشرت بشكل تدريجي بمختلف المناطق، حيث ظهرت في آسفي سنة 2016 ثم في أكادير (جماعة بلفاع) في يوليوز 2017، لتظهر بؤر منها بعد ذلك بإقليم سيدي إفني. تصيب هذه الحشرة نبات الصبار خاصة من نوع Opuntia ficus indica. تظهر على شكل مجموعات قطنية بيضاء تسبب جفاف نبات الصبار بعد امتصاص السوائل مما يؤدي إلى تعفنه ثم موته جراء شدة الإصابة، تتميز بسرعة الانتشار و كذا بقدرة تدميرية عالية.
كيف تصرفت المسؤولون عن قطاع الفلاحة في الإقليم؟ و كيف تفاعلت الساكنة مع الحدث؟
في إطار التصدي لآفة الحشرة القرمزية وضعت خطة عمل جهوية للوقاية من هذه الحشرة من بإشراك كافة المتدخلين (هيئات وزارة الفلاحة، السلطات المحلية، ممثلي الغرفة الفلاحة، رؤساء الجماعات، التنظيمات المهنية)، و من أبرز محاورها:
التواصل و التوعية، البحث و تشديد المراقبة، التدابير الوقائية لمنع دخول الحشرة القرمزية.
في ما يخص التواصل و التوعية، نظمت قافلة تحسيسية شملت مختلف الأسواق الأسبوعية التي تعرف تجمعا للساكنة لتحسيسها و تعريفها بالحشرة القرمزية. كما تم تنظيم أيام تحسيسة و دورات تكوينية لفائدة الفلاحين و التنظيمات المهنية الفلاحية، إضافة إلى التواصل الدائم مع هذه الأطراف للاستفسار حول نفس الموضوع. كما استهدفت هذه الحملات التحسيسية تلاميذ المؤسسات التعليمية (الثانويات التأهيلية) بالإقليم بهدف إشراكهم في عملية مراقبة الصبار.
أما في ما يخص المحاور الأخرى فاستهدفت على الخصوص تكثيف المراقبة و اليقظة لمنع دخول الحشرة إلى الإقليم عبر الترحال، وسائل النقل، صناديق تربية النحل، …
هل هناك أمل في أن يتجاوز الصبار المحنة؟ و تقوم زارعة الصبار من جديد؟
يبقى سكان المنطقة المتضرر الأكبر من أي انتشار محتمل للحشرة القرمزية بالإقليم، لذلك فأي برنامج أو خطة عمل وضعت أو ستوضع لمكافحة هذه الآفة لابد أن تشرك فيها هذه الساكنة إعدادا و تفعيلا و تنفيذا، عبر المواكبة و التحسيس و التواصل بشكل مستمر و عمل ميداني يساهم فيه الجميع كل حسب موقعه لإنقاد هذه الثروة التي أنقذت غير ما مرة سكان المنطقة و ماشيتها في سنوات القحط و الجفاف.
تحقيق من إنجاز: فريق الصحفيين الشباب من أجل البيئة، الثانوية الإعدادية تيوغزة.

قافلة تحسيسية شملت مختلف الأسواق الأسبوعية.
رابط قصير: https://www.tighirtnews.com/?p=38672