الرئيسية » أغراس أغراس » منبر الأحرار »

حقوق الإنسان بالمغرب وأعطاب الانتقال الديمقراطي

تغيرت نيوز

يخلد المنتظم الدولي، في العاشر من دجنبر من كل سنة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي الوثيقة التي أقرت وأعلنت ذات 10 دجنبر من سنة 1948، عددا من الحقوق التي تحفظ كرامة الإنسان وتصون حريته بعيدا عن الاستبداد والعنصرية، والتمييز وخنق الحريات ومصادرة الحقوق، وإذا كانت القوى العالمية اتفقت بأغلبيتها على هذه الوثيقة، وجعلتها مرجعا في ذات السياق، بالإضافة إلى ما تلا ذلك من العهود الدولية في مجالات الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والحقوق اللغوية والثقافية وكذا حقوق الشعوب الأصلية، وكلها مراجع قانونية ووثائق تضمنت عددا من الالتزامات التي تساهم في صون الحقوق والحريات، لكنه بالرغم من كل هذه الترسانة القانونية، فإن انتهاك الحقوق والحريات لا زال مستمرا في العديد من الدول التي تعيش في حالة الحرب والسلم على حد سواء، وما استبداد الأنظمة بحكمها وعدم انتظام الانتخابات النزيهة فيها، وخنق حرية الصحافة والإعلام ومصادرة الآراء السياسية المخالفة لها، إلا دليل ساطع على استمرار انتهاك حقوق الإنسان بشكل واضح، وهو ما تسجله يوميا وسنويا تقارير المنظمات الحقوقية الدولية

بحديثنا عن التجاوزات فالمغرب لا يعيش استثناء بهذا الخصوص، فبالرغم من تجربة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، مرورا بهيئة الانصاف والمصالحة التي أعتقد الجميع للوهلة الأولى أنها ستكون تجربة نموذجية، وستكون بداية إعلان القطيعة مع ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، وطي صفحة الماضي، وبالرغم أيضا من التجربة الحالية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان على علاتها، وبالرغم من كل الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وإصداره مختلف التشريعات والقوانين التي أقرت الكثير من الحقوق والحريات، منذ ظهير1958، وصولا إلى دستور 2011، الذي اعتبره الكثيرين دستور الحقوق والحريات، بالرغم من كل هذا المجهود فإن ديمقراطتنا تعيش مجموعة من الأعطاب التي تعيق الانتقال إلى ديمقراطية حقيقية تضمن حقوق الجميع على قدم المساواة، وبالعودة إلى هذه الأعطاب فالملاحظ أن حراك الريف، وجرادة ، وزاكورة، وغيرها من الحركات الاحتجاجية التي نظمت في السنتين الأخيرتين، شكلت القشة التي قسمت ظهر البعير، وتيقن الجميع أن الدولة أو على الأقل جزءا من المحيط الحاكم، أغلق قوس 20 فبراير وعادت حليمة إلى عادتها القديمة، وما الاعتقالات التعسفية، والتوقيفات خارج القانون، والأحكام القضائية القاسية التي جعلت استقلالية الجهاز القضائي على المحك، ناهيك عن القمع الشرس الذي ووجهت به الاحتجاجات إلا حجة وبرهانا ساطعا، انهارت فيه الشعارات الرسمية التي تدعي أن البلاد قطعت إلى غير رجعة مع هذه السلوكيات، دون إغفال هضم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وتفشي البطالة والحرمان الإجتماعي، وتهميش اللغة والثقافة والهوية الأمازيغية، وعرقلة عمل الجمعيات الحقوقية الوطنية وغيرها من أساليب القمع، والحد من حرية التعبير، والسلوكات التي تعود إلى الزمن البائد.

كل هذه مطبات، تعيش على إيقاعها ديمقراطيتنا، وهي أعطاب تسائل مؤسسات الدولة بشكل مباشر، وتسائل الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية عن دورها في تأطير وتمثيل المواطنين، والدفاع عنهم وسن إصلاحات سياسية ومؤسساتية، تساهم في إحقاق الحقوق وضمان العيش الكريم للمواطنين ،وبناء الدولة الديمقراطية شكلا مضمونا

وكل عام وكل الحقوقيين بألف خير.

إسماعيل أكنكو: باحث في العلوم السياسية

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك