الرئيسية » أغراس أغراس » كلشي باين »

الحماية الجنائية للموظفين العموميين من “جريمة الإهانة” بين النظري والعملي .. أية مقاربة؟

من المستفيد ومن المقصي؟

رجوعا إلى مقتضيات القانون الجنائي المغربي سيما الفصل 263 منه، نجد أن المشرع الجنائي حصن كافة الموظفين العموميين من شتى أنواع الإهانة المادية أو المعنوية التي من المحتمل أن يتعرضوا لها أثناء ممارستهم لوظائفهم العامة، بأن جرم وعاقب على المساس بشرفهم أو اعتبارهم أو احترامهم أو شعورهم من طرف الغير سواء بالأقوال أو الاشارات أو الكتابات أو التهديدات.عمر الهرواشي

والموظف العمومي في القانون الجنائي له طبعا مفهوم مخالف للمفهوم المعتمد في التشريع الإداري. فالموظف العمومي -جنائيا- يعني كل شخص يسدي خدمة عمومية للدولة بأجر أو بدونه، أي حتى المتطوع موظف عمومي. وهنا تنطلق “نظرية الموظف الفعلي” المعروفة في القضاء والفقه الإداريين. في حين أن تعريف الموظف العمومي في الإدارة وقوانينها المتصلة بالوظيفة العمومية ينحصر في العاملين المرتبين في إطار وسلم معينين ويتقاضون راتبا من المال العام لخدمة الصالح العام وتحت يافطة نظام عام للتوظيف العام بما له وما عليه.

طيب، فأية حماية للموظفين العموميين بين الحبر على الورق والواقع متوفرة إذن؟، بخصوص ما قد يعترضهم في المزاولة لعملهم العام من عراقيل من قبيل الإهانة والتهديد وكافة أشكال المساس باحترامهم وشعورهم وشخصهم؟. وما حدود تنزيل هذه المقتضيات الحمائية على أرض الواقع؟.

بالرجوع إلى ما هو مقنن ومكتوب من الناحية الجنائية نجد أن القائم هو “تمتيع جميع أطر وموظفي الدولة على قدم وساق بالحماية الجنائية من الإهانة”. وبالعودة إلى -الواقع المعيش-  نجد أن المستفيد الوحيد من تفعيل هذه النصوص (خاصة 263 من القانون الجنائي) ينحصر في فئة القضاة.

إذا تعرض من تعرض للإهانة ولو كان وزيرا أو عاملا أو قائدا أو مديرا أو محاميا أو مفوضا قضائيا أو فردا من القوة العمومية. فإن المحكمة وقبلها النيابة العامة أو غيرهما من سلطات القضاء تلزمهم بالشهود وبالإثبات، في تجاهل تام لرسمية مهمتهم التي لم يشرعوا في مزاولتها إلا بعد “أداء اليمين القانونية” التي تضفي الرسمية على ادعاءاتهم وتظلماتهم.

أما والحال -دائما عمليا- وإن شاءت الأقدار وأن تعرض -قاض- للإهانة، فإن الرسمية المطلقة تستحضر ويبقى تصريحه وادعاؤه دليلا رسميا لا يحتاج الى تعزيزه بأية وسيلة اثباتية أخرى ….. في شكل ينم عن فلسفة لطالما ابدع في بلورتها البعض ضدا على المساواة وعدم التمييز. فأية حكامة إذن -من الناحية الجنائية – بخصوص تفعيل وتنزيل ضمانات حماية الموظفين العموميين من الإهانة وبالتساوي؟.

أم أن القانون الجنائي وجد لحماية القضاة دون غيرهم من الموظفين (من أدنى سلم إلى الوزراء في الحكومة)؟. وافينكم “النقابات”؟، وافينكم يا “وزراء الوظيفة والعدل ورئاسة الحكومة”؟  -لتتشغلوا على هذا الملف- فيمين و”قسم” القاضي لا يعلو مرتبة على يمين باقي موظفي الدولة وأطرها وعمالها ووزرائها.

يكتبه: عمر الهرواشي / منسق حزب الديمقراطيين الجدد بتزنيت / عضو جماعي سيدي إفني

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك