من يحمي منتخبي الجماعات الترابية والآمرين بالصرف من السجن ما بعد كورونا؟، هذا الاستفهام طرحه العديد من كبار المنتخبين، وهم يتحسسون رؤوسهم من أن يقادوا إلى الحساب بعد نهاية زمن كورونا.
من المعلوم أن تدبير آثار الوباء جعل كل شيء استثنائيا، وتم اعتماد المرسوم بقانون متعلق بتنظيم حالة الطوارئ الصحية، كما تم اعتماد مرسوم أكثر تفصيلاً للغاية نفسها، ثم توالت المناشير والقرارات والدوريات، ومنها ما يصدر عن وزارة الداخلية في ما يتعلق بالتدبير المالي للجماعات الترابية للتكيف السريع مع ما يتطلبه تدبير الأزمة من استعجال.
وبناء على ذلك، قامت العديد من المجالس المنتخبة بتخصيص اعتمادات استثنائية لتغطية المصاريف الطارئة، المتعلقة بمكافحة آثار الوباء، نظير مواد التعقيم ومستلزماته، والمساعدات الغذائية، ووسائل التعليم عن بعد، ومستلزمات ومعدات صحية، متجاوزة ما تمت المصادقة عليه في دورات الميزانية، ومتجاوزة مساطر الصفقات العمومية باعتماد صفقات تفاوضية، بالنظر إلى حالة الاستعجال بناء على دوريات وزارة الداخلية.
وفي السياق نفسه، قالت آمينة ماء العينين، عضو فريق “المصباح” بمجلس النواب، “كل ذلك متفهم ومطلوب، غير أن ما يجب أن يناقش اليوم، هو الإجراءات الواجب اتخاذها لعدم تفعيل آليات المحاسبة والمتابعة القانونية بعد الجائحة، حين يعم الهدوء وتعود المياه لمجاريها وتبدأ المحاسبة”.
إذا ما تم تفعيل المتابعات القضائية بناء على افتحاصات تثبت تجاوز القانون، فإن القاضي بحكم مسؤوليته يحتكم فقط لما بين يديه من قوانين، ومعلوم أن تراتبية التشريع معروفة بين القوانين التنظيمية للجماعات، ثم قانون الطوارئ الصحية ثم المرسوم، وبعد ذلك تأتي الدوريات التي تعتبر حجيتها القانونية أضعف، لذلك لابد من التفكير في تحصين أعمال المنتخبين والآمرين بالصرف بتضمين القضايا الرئيسية للتدبير في مراسيم تعتمدها الحكومة بشكل واضح من حيث التنصيص القانوني على الإجراءات الواجب اتخاذها.
أما ما تختار الحكومة تضمينه في القانون وما تختار تدبيره في مجال التنظيم الخاص بها من مراسيم، ومناشير، فهذا موضوع آخر يحتاج إلى تعميق النقاش، وهو بالمناسبة إشكالية مثارة اليوم أمام العديد من برلمانات وحكومات العالم، حيث تنحاز الحكومات تحت ضغط الاستعجال، إلى إصدار مراسيم وقرارات، بدل الارتهان لمسطرة المصادقة البرلمانية، غير أن الأمر قد لا يخلو من تجاوز للدساتير، التي تحدد مجال القانون، ومنه نقاش قوانين المالية التعديلية في ظل التغييرات الجذرية للنفقات المأذون بها في قوانين مالية 2020.
وبرأي المصدر نفسه، فإن النقاش المفتوح بشأن الصفقات التي تمت خارج القانون، مهم بالنسبة لما يعتمده القضاء من تراتبية منطقية، حيث الأولوية للقانون، ثم ما يصدر بعده في إطار مجال التنظيم. جدير بالذكر أن هناك سوابق لمنتخبين متابعين أمام القضاء بسبب لجوئهم لمساطر استثنائية في التدبير المالي بسبب ضغط أحداث معينة، استنادا إلى توجيهات سلطة المراقبة الإداري.
عن يومية الصباح
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=44062