الرئيسية » ثقافة وفن » إعلام واتصال »

القضاء ينفذ قانون 20.22 قبل صدوره ويأمر بإغلاق صفحات فايسبوكية ومواقع إلكترونية

قضت المحكمة الابتدائية بمدينة تيزنيت، صباح اليوم الأربعاء 29 أبريل 2020، بحجب صفحة فيسبوكية إخبارية محلية تحمل اسم “ستاسيون 23″،  تُعنى بالأساس بالشأن المحلي بجماعة الركادة (أولاد جرار ) على غرار العشرات من الصفحات التي يعج بها الفضاء الأزرق، بالإضافة إلى ثمانية مواقع الكترونية محلية بإقليمي تيزنيت وسيدي إفني وذلك لعدم ملائمة وضعيتها مع مدونة الصحافة والنشر.

ويأتي قرار المحكمة على خلفية مقال استعجالي تقدم به وكيل الملك أمام رئاسة المحكمة، طالب من خلاله حجب مجموعة من المواقع الإخبارية المحلية، بناء على البحث الذي أجرته النيابة العامة، واتضح لها من خلاله عدم ملائمة هذه المواقع مع القانون الجديد للصحافة رقم 88-13.

وقد تم استدعاء أصحاب المواقع الثمانية و صاحب الصفحة الإخبارية، من طرف ابتدائية تيزنيت، بعد متابعتهم من قبل النيابة العامة من أجل تهمة عدم الملائمة مع قانون الصحافة. وقضت المحكمة اليوم، بحجب خمسة مواقع الكترونية، ويتعلق الأمر بموقع “تيزنيت نيوز”، “أخبار الجنوب”، “تافروات 24″، “ماروك دايلي”، “تربويات”، إلى حين زوال السبب الذي برر إقراره مع شمول الحكم بالنفاد المعجل وتحميلهم الصائر ، فيما أجلت ذات المحكمة ملفات ثلاثة مواقع  “تيزبريس”، “تيزنيت 37 “، “إفني نيوز”، بالإضافة إلى صفحة “سطاسيون 23” إلى جلسة الأربعاء 6 ماي 2020 .

وجدير ذكره أن هذه المواقع سبق وأن تسلمت تراخيصها و وصولها النهائية من النيابة العامة لمزاولة نشاطها كمقاولات اعلامية، وذلك منذ سنوات قبل صدور القانون 33/18 المتعلقة بالصحافة والنشر . ويتشبت أصحاب هؤلاء المواقع، بعد أن تفاجؤوا بقانون الملائمة،  بمبدأ عدم رجعية القانون، وهو أحد أقدم المبادئ العامة للقانون ومن أبرز أسسها، ويعني أنّه متى أقر مشرع قانون جديد فإن ذلك القانون لا يطبق على تلك الوضعيات التي سبقته زمنيا بل يكتفي فقط بالتسلط على كل تلك الوضعيات اللاحقة له.

وبخصوص موقع “تيزبريس”، الذي تم تأجيل البث في ملفه، فقد أدلى الأستـاذ “عمـر الـداودي” محـام بالربـــــاط للمحكمة اليوم، بمذكرة جوابية ، أكد من خلالها بخصوص (الدفع بعدم الاختصاص) ، ””ن الفصل 152 من ق.م.م ينص على أن القاضي الاستعجالي لا يبت في جوهر الدعوى ولا يمحص وثائقها لأن في ذلك سلب لاختصاص قضاء الموضوع الذي ينتهك سلطة تفعيل إجراءات تحقيق الدعوى ومن بينها إجراءات الأبحاث والخبرات والمعاينات والترجيح بين الحجج”.

وشدّد الداودي على “إن أهم عنصر الاستعجال هو عنصر الوقت والزمان”، وتساءل عن “كيف يمكن أن نتحدث عن وجود عنصر الاستعجال وقد انصرمت سنوات عن تسلم مدير موقع “تيزبريس”  للوصل النهائي، وأضاف “الداودي”، “أن النيابة العامة تقر في مقالها أيضا أن العارض زاول نشاطه الصحفي طيلة هذه المدة، إذ لو كان طلب النيابة العامة جديا بخصوص توفر حالة الاستعجال لتقدمت بهذا الطلب مباشرة بعد دخول القانون حيز التنفيذ أي منذ 2016”.

واعتبر المحامي في مذكرته “أن حالة الاستعجال غير متوفرة، وان مدير الموقع  يود مناقشة موضوع الدعوى وجوهرها بخصوص عدم دستورية بعض المواد لأن القانون لا يسري بأثر رجعي، مما يكون معه القاضي الاستعجالي مختص بالبت في النزاع وفقا لما هو مسطر أعلاه”.

وكشفت مذكرة الأستاذ “عمر الداودي”، “أنه بالرجوع إلى القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر يتضح  أن المادة 106 منه أسندت فعلا الاختصاص للقضاء الاستعجالي بخصوص طلب الحجب، إلا أن نفس المادة اشترطت أن تقوم الصحيفة الإلكترونية بارتكاب أفعال يعاقب عليها الفرع الأول من الباب الثاني والمتعلقة بنشر أخبار كاذبة أو إذا ارتكبت الصحيفة أفعالا مجرمة تتعلق بحماية النظام العام ولاسيما تلك المنصوص عليها في المادة 71 والمتعلقة بالإساءة إلى الدين الإسلامي أو النظام الملكي أو الوحدة الترابية للمغرب أو قذفا أو سبا لشخص الملك أو ولي العهد أو أحد أعضاء الأسرة المالكة”.

وقال “الداودي” في مذكرته، “أن النيابة العامة لم تثبت توفر حالة الاستعجال كما أنها لم تثبت أيضا كون العارض قام بنشر أي مقتضى يخالف النظام العام أو يهدد الدين الإسلامي أو النظام الملكي أو الوحدة الترابية ولم يخل بالاحترام الواجب للملك”، وأضاف ، “أن القانون رقم 88.13 لم يعطي للقضاء الاستعجالي الاختصاص بحجب المواقع الإلكترونية بدعوى عدم القيام بإجراءات الملائمة، مما يكون معه مناسبا التصريح بعدم الاختصاص”.

وبخصوص مذكرة محامي موقع “تيزبريس” في نقطة “خرق المادة 10 من ق.م.ج” ، أكد “الداودي”، “إنه بالرجوع إلى وثائق الملف سوف يتضح للمحكمة بأن النيابة العامة سطرت متابعة في حق العارض من أجل عدم الملائمة مع قانون الصحافة والنشر، وأن المحكمة الزجرية لا زالت لم تبت في الدعوى العمومية بحكم حائز لقوة الشيء المقضي به”.

وأكد المحامي على “أن محكمة الموضوع هي المختصة بالحكم بحجب المواقع الإلكترونية وليس القضاء الاستعجالي، خاصة وأن المادة 10 من ق.م.ج تنص على أنه يجب أن توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها”، واسترسل المحامي في مذكرته الجوابية قائلا : “إن قاعدة الجنائي يعقل المدني هي من القواعد الأصولية والتي تتصل بحقوق الأفراد والجماعات، وأن الدعوى العمومية التي حركتها النيابة العامة في حق العارض والدعوى الحالية ناشئتين عن نفس الفعل ومؤسستان على نفس السبب”.

واعتبر الداودي، أن النيابة العامة استعجلت الأمر و سابقت الزمن بإقدامها على إقامة دعويين مختلفتين في الوقت الذي يلزمها القانون باحترام مبدأ المشروعية وانتظار أن يفصل القضاء الزجري في الدعوى العمومية والتي يمكن أن تلتمس أمامه ما تراه مناسبا من ملتمسات ، مما يناسب التصريح بإيقاف البت إلى حين بت المحكمة الزجرية في الدعوى العمومية”.

مذكرة الأستاذ “عمر الداودي” لا مست أيضا موضوع ( خرق الفصل 6 من الدستور) و الذي ينص على أنه ليس للقانون أثر رجعي ، وقال  بخصوصها، أن النيابة العامة أقرت في مقالها بأن مدير موقع “تيزبريس” قد تسلم الوصل النهائي منذ سنوات، وبما أن  قانون الصحافة والنشر لم يدخل حيز التنفيذ ولم ينشر بالجريدة الرسمية إلا بتاريخ 15 غشت 2016، فإن مدير الموقع قد حاز حقا مكتسبا لا يمكن المساس به بإجراءات لاحقة”.

ويذكر أن  هذه الأحكام تأتي بعد العشرات من  الأحكام المماثلة  التي أصدرها القضاء ضد أصحاب العديد من المواقع الإلكترونية المحلية والجهوية و الوطنية  التي حصلت على تراخيص اشتغالها من النيابة العامة قبل صدور القانون الجديد للصحافة رقم 88-13. والأحكام أيضا طالت مجموعة من الصفحات بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، حيت طالب القضاء أصحاب هذه الصفحات  بالملائمة طبقا لمقتضيات القانون الجديد رغم أنها فقط صفحات” فايسبوكية”.

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك