تغيرت نيوز
أطالع الصحف، والمواقع الإلكترونية، ومنصات التواصل الافتراضي، وأجدها تعج بالكثير من الأخبار، والقصاصات حول ما يسمى بمعاش ابن كيران الاستثنائي، بعدها تابعت لقاء الأخير مع شباب حزبه، وبعدها الندوة الصحفية، وأخيرا تصريحه المقتضب بالأمس، حول ذات الموضوع بمناسبة نشر وثائق بعضها صحيح والآخر مفبرك.
لم أكن أريد التعليق على الموضوع، لكن فضول المعرفة والنقاش، تملكني فلم أجد بدا من الكتابة، علني أشفي غليل ما سمعته من كلام وكلام يتم اجتراره من قبل نخبة سياسية يفترض أنها تحمل هم الوطن، وتسعى لتخرجه من براثين الجهل، والفساد والاستبداد، وهو الشعار الذي رفعه ابن كيران واخوانه عقب ارتدادت 2011، وفي عز الحراك الشعبي الديمقراطي مع حركة 20 فبراير، وهي الحركة التي سهلت مأمورية وصول الإسلاميين إلى السلطة، وترأس ابن كيران وحزبه لحكومة بعد دستور جديد للبلاد، وبعد وعود بالتغيير بعدما ساهم “المخزن” ومعه النخبة الانتهازية في وأد أحلام شباب الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، بالتخلي عنهم في الشارع، وفي مقدمة الذين تخلوا أنصار الإسلام السياسي، من العدل والإحسان، إلى العدالة والتنمية.
إلى هنا تبدو الأمور منطقية، على اعتبار موازين القوى التي تساهم القوى المتخاذلة، والانتهازية في أن تميل إلى المخزن لكي تستفيد من فتات السلطة لتنتزع على بعض المواقع التي يتم التفاوض عليها، ومن أجل حفظ ماء الوجه، ولكن الغير منطقي هو أن يستعمل ابن كيران وإخوانه فيما مضى كافة الوسائل من الفضح والتشهير وإخراج الوثائق، لمعرفة المستفيدين من المأذونيات، والمقالع، وينتقدوا بأشد العبارات تعويضات الخازن العام، ووزير المالية مزوار، وغيرها من الملفات التي كانت عبارة عن “بروباكندا” سياسية وجعجعة بلا طحين، لأنها كانت قانونية ومن يوصي بها إما الملك عبر منح هذه الامتيازات، أو القوانين المنظمة لتعويضات كبار المسؤولين في الدولة، ويطالبنا اليوم ابن كيران لتوقير الملك لأنه أعطاه معاشا بقيمة سبعة ملايين سنتيم شهريا، ويعتبر أن مناقشة معاشه جريمة وهو الذي لم يساهم فيه بسنتيم واحد مع العلم أنه كان يردد على مسامعنا جملة عمر بن الخطاب “غرغري أو لا تغرغري…”. والأخطر من ذلك أنه يجيش إخوانه ضد كل من ناقش الموضوع، ويتعدى الأمر إلى حد التشكيك في من تجرأ على الحديث عن الأمر، فلعمري هو أكبر تناقض سقط ويسقط فيه بعض من أنصار العدالة والتنمية.
أجدني مضطراً للاعتراف أن الكثير من الأصدقاء في العدالة والتنمية، أصبحوا موالون “لزعيم” قضى منه المخزن وطرا، أكثر من ولائهم للقيم والمبادئ الاخلاقية والسياسية، بل ينتابني شك وريبة في ولائهم للوطن، كيف لا وهم يهاجمون يمنة ويسرة، ويواجهون الجميع دفاعاً عن شخص لا اتهمه بالسرقة، ولكنه خرب تقاعد الموظفين، وحرمهم من حقهم في الإضراب، ويستفيد من الريع، الذي كان محاربته منطلق حملته الانتخابية، بل عبد الطريق لشركات المحروقات، وتجار المواد لرفع أسعار سلعهم واحتكارها وجعلوا من المواطنين فريسة يسهل اصطيادها.
يبدو أن قدر عبد الإله ابن كيران، هو الارتماء في أحضان السلطة في نهاية الخدمة، عله يجد موطئ قدم في مواقع أخرى، ولا أعتقد أنه سيصدق أحلامه التي تراوده بالعودة إلى رئاسة الحكومة ،لكن دعني أنبه الرجل كواحد من دعاة ومناصري الملكية البرلمانية وبعيدا عن “التبنديق” كما سماه ذات مرة، أن هذا النوع من الأنظمة لا يعني بالضرورة ملك يسود ولا يحكم، بقدر ما يعني تقليص صلاحيات الملك، لتقتصر على مجالات معينة قد لا يكون عليها إجماع وطني، من قبيل الدفاع والأوقاف، دون غيرهما من المجالات التي تتعلق بالتدبير اليومي وبسن السياسيات العمومية، التي من المفروض أن تكون من اختصاص حكومة قوية ومنسجمة ومنبثقة حقيقة من الإرادة الشعبية.
إلى هنا أعتبر أن شطحات عبد الإله ابن كيران، الأخيرة إنما هي شطحات الديك المذبوح، ولا يمكن أن تفيد البلاد في شيء، وأزعم أن المعاش كان رسالة كان يجب أن تصل ووصلت، وربما أنهت وأجهزت على زعيم شعبوي لم يفلح في ما وعد وبه.
يكتبه: إسماعيل أكنكو
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=38437