يعتبر الرباب، من أقدم الآلات التي رافقت الفنانين الأمازيغ، وخاصة فرق الروايس بسوس والجنوب المغربي، ولعبت دورا محوريا في فرقهم الموسيقية، وحملت موازاة مع ذلك آمال وآلام الأمازيغ بربوع سوس.
ولعل أهم ما يميز هذه الآلة، أنها تتكون من وثر واحد، وهو ما يجعل العزف عليها صعبا للغاية، وتحتاج تقنيات خاصة للحصول على الأنغام، والانتقال بين السلاليم الموسيقية، وإصدار النوطات الموسيقية.
ومازال صنع هذه الآلة مقتصرا على عدد محدود من “المْعلْمين”، المتخصصين فيها، ويعد “المْعلم ابراهيم” أمنتاك واحدا من أمهر الصناع التقليديين الذين أفنوا زهرة شبابهم في تعلم طريقة صنعها، و بطريقة عصامية.
أسرار الآلة:
كشف المعلم ابراهيم، في لقاء حصري مع العمق، جوانب عديدة من أسرار صناعة الرباب، وتصنع من خشب شجر الجوز “الكركاع”، والمنطقة الدائرية تصنع من نوع خشبي يطلق عليه بالأمازيغية “البْنز”، ويتم استقدامه من مكناس ونوع آخر من مراكش ونوع ثالث من منطقة “منتاكة”، وهو أجود أنواعها.
ويوضع وسط الطارة الجلدية، جزء حديدي يطلق عليه “تاخرست”، و”تحْمَّارْت” قطعة خشبية توضع تحت الوثر ، الذي يطلق عليه اس “لفْتْلْت”، وكان في الماضي يصنع من ذيل الحصان، وبعد مرور الوقت يتم صنعه حاليا من خيوط حريرية، وتنتهي الآلة بـ”اللُّولْ” وهو الجزء الذي يمكن من ضبط النوطات الموسيقية للوثر
دين وسياسة وغزل:
لعب الرباب دورا هاما في حياة ساكنة سوس، فكان الرايس سفيرا حقيقيا لقضايا الوطن والمواطن في كل تجلياتها، فغنى بها الرايس سعيد اشتوك وأعراب أتيكي شعر الغزل، والحاج بلعيد و الدمسيري وجانطي في السياسة، والمهدي بن ميارك في الدين والعقيدة، وأحمد أمنتاك وبيزماون في أدب الرحلات، وأمكرود والحسن أوبيهي في الكوميديا.
فضل اليهودي “بردخاي”
من بين الأمور الخفية في حياة المعلم ابراهيم، والتي كشفها للعمق، اعترافه بجميل صنع يهودي يدعى بردخاي، التقى به سنة 1986 بمدينة انزكان، نصحه بامتهان حرفة إلى جانب الموسيقى التي كان يزاولها، وهي النصيحة التي طبقها في حياته، وأصبحت اليوم سنده في الحياة.
الصنعة المثقونة
يؤكد “المعلم ابراهيم” على ضرورة إتقان الصنعة، وعن سر نجاحه يقول “رحم الله من عمل عملا فأتقنه”، وجعل هذا الحديث النبوي عند المعلم ابراهيم شعارا له، وعن سعر الآلة فهو محدد ما بين 800 و1000 درهم، وربما يكون أكثر حسب المواد المستعملة في تزيين الدرع الخشبي، بحيث يعمد البعض الى استعمال الفضة.
السوق السوداء
يقول المْعلم ابراهيم كغيرها من السلع، فصناعة الرباب بدورها طالها الغش، ودخل أناس المجال، لا علاقة لهم بالفن، وبدأوا في صنع آلات رباب لا تتوفر فيها الجودة اللازمة، ولا تخضع لمعايير تمكن العازف عليها على إتقان المعزوفات، وتباع بأثمنة تتراوح ما بين 300 و500 درهم، ولا تحترم حتى أبجديات الصنعة.
سعيد مكراز: العمق المغربي
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=37414