إسماعيل أكنكو (*) تغيرت نيوز
أتابع منذ منتصف الأسبوع، أشغال الملتقى الوطني لشبيبة العدالة والتنمية، لحظة بلحظة وندوة بندوة ونقاشا بنقاش، طبعا ما يبث منه على المباشر، وهو الملتقى الذي دأب التنظيم السالف الذكر على تنظيمه في شهر غشت من كل سنة، يتم فيه تبادل وجهات النظر، والأفكار والبرامج والتصورات، ويتم فيه مناقشة مجمل القضايا التي تشغل بال الرأي العام الوطني والدولي أيضا، ويتم فيه استضافة أساتذة وباحثين ومفكرين من مختلف التوجهات والمشارب التنظيمية والفكرية ومن دول مختلفة .
ولعل أهم ما يميز الملتقى الوطني لهذه السنة، هو السياق الذي يأتي فيه إذ ما زال حزب العدالة والتنمية يعيش على إيقاع النقاش الساخن والدائر حول مخلفات ما يعرف بواقعة “البلوكاج الحكومي” الذي ترتب عنه إعفاء بنكيران من تشكيل الحكومة وتكليف العثماني مكانه، وهو الشيء الذي لم تستسغه فئة عريضة من الحزب ومنهم من ذهب إلى حد اعتبار ذلك انزياحا عن الإرادة الشعبية وعودة التحكم وغيرها من المفاهيم المطوحة على صعيد واسع من الحزب، كما يأتي أيضا في سياق الحوار الداخلي الذي ينظمه الحزب، في نفس الموضوع وهو إعادة قراءة جماعية للمرحلة، أي مرحلة ما بعد عبدالاله بنكيران، وهي كلها أمور أرخت بظلالها على أشغال الملتقى، ولعل المتتبع لمجريات الملتقى سيكتشف حجم النقاش الواسع المثار في هذا السياق، خصوصا مع الندوات التي أطرها الأمين العام للحزب، ولا بعض قياداته كوزير الدولة في حقوق الانسان، ولا حامي الدين، ولا افتاتي ولا ماء العينين ولا غيرهم، إذ ظهر جليا وبما لا يدع مجالا للشك على أن هناك اختلافا قويا، وشرخا كبير في تصورات مختلف هذه القيادات، حول القراءة السليمة لهذه المرحلة.
الذي يهمني في هذا الصدد وفي طرح هذا النقاش، ليس ما ذكر في حد ذاته، وإنما يتجاوزه إلى أبعد من ذلك لأبرز أنه رغم كل هذه النقاشات الصاخبة، ورغم كل هذه الظروف التي مر منها الحزب لا زال حيا، ويحاول أن يستجمع قواه، وهو الظاهر من خلال اشتغال كل اذرعه من القطاع الطلابي، إلى الشبابي، إلى الدعوي، وصولا إلى السياسي وهذه قوة حزب العدالة والتنمية، ولا يمكن لأحد غير مؤمن بالواقع إلا أن ينكر أن هناك مخيمات للأطفال على امتداد تراب الوطن، وهناك جمع عام لحركة التوحيد والإصلاح، وهناك ملتقى شبابي ضخم، وهناك لقاءات هنا وهناك كل من تأطير القطاعات الموازية لحزب العدالة والتنمية.
لا أريد أن أصنف على أنني ادافع عن البيجيدي، وهو ليس بحاجة لذلك، لكني أجد نفسي أتساءل أين اختفت واضمحلت مختلف الأحزاب السياسية اليسارية والليبرالية، واليمينية، وهي التي كانت إلى عهود قريبة في طليعة النضال الديمقراطي وفي التأطير الجماهيري للشباب وعموم المواطنين، وكان سباقا إلى مختلف هذه التظاهرات بمختلف أشكالها، وهو ما يدعوني أيضا إلى القول بأن بقاء حزب العدالة والتنمية وحيدا في الساحة السياسية والتاطيرية والجماهيرية، ليس في صالح الديمقراطية الناشئة في بلدنا، ولا يخدم التعددية وهو نزوع إلى الأحادية والهيمنة، وهو ما يطرح الحاجة الملحة إلى مشروع مجتمعي، منافس صانع للتوازن وضامن لمبدأ التعدد، مشروع يحاول أن يكون نقيض المشروع الموجود، مساهم في التأطير والتكوين، ويطرح مختلف الأسئلة المحرجة التي يمكن أن تقدم إجابات عملية على البؤس السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه بلادنا.
هل هذا المشروع يكمن في الليبراليون الجدد، أو الفدراليون أو غيرهم؟ أكيد أن الإجابة ستكون ميدانية اكثر منها نظرية.
(*) باحث في العلوم السياسية
رابط قصير: http://www.tighirtnews.com/?p=35501