الرئيسية » ثقافة وفن »

الإعلامي بُوشطارت يكتب: الفنان حسن أرسموك الحنجرة الاسطورة

تحبل الثقافة الأمازيغية بمسارات فنانون وفنانات طبعوا حياتهم بالفن والإبداع. ارتقوا بالفن إلى السماء وإن لم أقل إلى ما فوق السماء. إلى المقامات العليا في لغة المتصوفة. منهم / منهن ما حفظت لنا الذاكرة أسمائهم وخلد التاريخ أشعارهم وألحانهم … ومنهم من طمس الزمان أثرهم وإبداعهم والتهم النسيان أقوالهم وسط مجتمع شفوي يتذكر نفسه عن طريق السرد والحكي بعد أن فقد سلطة الكتابة والتدوين … ومنهم من لا زال على قيد الحياة يعطي وينتج وينظم … يكافح يناضل ويضحي … ففي هذا الزمن الإبداع بالأمازيغية يجسد روح المعاناة والتضحيات

حسن أويدر أرسموك ولد سنة 1963 بدوار أفراك بجماعة إرسموكن من عائلة فنية تسلسل فيها الفن والشعر مدة طويلة. وقبيلة إرسموكن التي تشكل أحد أحلاف إيداولتيت تقع على أقدام سلسلة الاطلس الصغير بين منطقة أشتوكن المشهورة بالروايس والشعراء و أزغار تيزنيت خاصة المنطقة التي أنجبت الفنان الظاهرة الحاج بلعيد … وهذا الحزام السهلي يتغذى كله من الجبل وقمم “الكست” الزاخرة بمنظومات أحواش، الجبل /الحصن الذي يختزن كل ضروب الرقص والفنون الجماعية … وهي مرتفعات جزولة التي طوعت حتى الطقوس الدينية وكيفتها مع الايقاعات الجماعية واستوعبت الزوايا والطرق الصوفية وجعلتها تتنفس ايقاعات أحواش وأهنقار

منطقة إرسموكن التي أنجبت الفنان حسن لها خلفية ثقافية عميقة وتشكل أرضية خصبة تؤهلها لإفراز تجربة موسيقية فريدة تتميز عن جارتها أشتوكن في الشمال وتزنيت جنوبا. هكذا كان في سنة 1986 حين شق الفنان الشاب حسن أرسموك طريقه معلنا عن بداية مشوار فنان صاعد واقتحم الساحة الفنية التي كانت تعج بالأسماء … واستطاع في مدة زمنية وجيزة أن يكسب لنفسه شهرة تجاوزت كل الحدود والآفاق … بفضل التجديد الذي أدخله إلى منظومة الروايس في مستويات مختلفة الايقاع والالحان وادخال بعض الآلات الجديدة واستعمال أشعار وكلمات سهلة ومختصرة مستوحاة من المعاش واليومي البسيط المتداول وارتقى بفضل ذكاءه واجتهاده بفن الروايس مراتب ودرجات كما فعل سلفه من الرواد. ولكن ميزة أرسموك التي جعلته يحقق نجاحا باهرا في مدة وجيزة وجعلته يستحوذ على السوق الفنية لسنوات هي الحنجرة الذهبية الذي يملكها وحباه الله بها … وذلك ما يعترف به الجميع بدءا بالفنانين الروايس والمتتبعين وعموم الجمهور

أغاني أرسموك كثيرة جدا، لا زال عشاقه يحفظون كلماتها وألحانها منذ أواسط الثمانينات إلى الان، أكثر من 30 سنة وهو ينتج ويتحف جمهوره ويساهم بذلك في تحقيق تراكم فني وثقافي للأمازيغية التي تحتاج كثيرا للإبداع والانتاج … أرسموك فنان عازف ماهر … نجم من نجوم الفنون الامازيغية …. له صوت جميل ينبع من حنجرة فريدة ومميزة .. ناظم وشاعر مجدد … فنان محترف تمرس على كل الألحان والإيقاعات والمقامات … موسيقي أمازيغي شهد ويشهد له التاريخ على تجربته المجددة .

ليس من السهل الوصول إلى درجات عليا في الإبداع والإتقان الموسيقي في فن الروايس. الاشكال العويص هو أن الفنان حسن أرسموك وجميع المبدعين بالأمازيغية، شاء القدر، أن ينتموا إلى دولة تعيش فيها الثقافة الامازيغية تهميشا وتمييزا مؤسساتيا وسياسيا مقصودا … هم فنانو الشعب لكن تهمشهم الدولة ومؤسساتها المعنية بالثقافة والاتصال
صورة الفنان الأمازيغي ووضعيته في مغرب اليوم هي انعكاس لوضعية الثقافة الأمازيغية .

هم يمتعون الشعب ويتحفونه وعلى الشعب أن يبقى وفيا لهم ويستمر في احتضانهم وتشجيعهم واحترامهم … وعلينا نحن الأمازيغ هذا الجيل أن نقدر تمام التقدير والاحترام كل الفنانين/ت الذين كرسوا حياتهم للفن والثقافة ونشر السعادة وأجواء الفرح والبهجة بين الناس..

يكتبه عبدالله بوشطارت

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك