الرئيسية » أغراس أغراس » منبر الأحرار »

نوستالجيا .. أول يوم لي في ممارسة عادة “الصقر”

في يوم من أيام العشق، في فصل تافسوت (الربيع) في قبيلة “إندوزال” منطقة إغرم، تسللت خارج أسوار قريتي الصغيرة الهادئة (تسدرمت) لكي “أصقر” لأول مرة .. (الصقر يعني بالأمازيغية المحادثة)، سلكت إحدى الطرق الغير المعبدة الملتوية بينindouzal أشجار اللوز والأركان.. رائحة الأزهار تعطر الدنيا، وكان النسيم منعشا عليلا يداعب برفق أوراق الأشجار فتتمايل يمنة ويسرة والموسيقا العذبة تخرج من حناجر الطيور والعصافير، بعد أن عادت من هجرتها وكان العشب مرصعا بالزهور والفراشات والنحل الأنيق.

توقفت عند مدخل قرية صغيرة بكيلومترين، وبعدها بدقائق معدودة، وفي لحظة غير متوقعة، ظهرت عشرات الفتيات في أبهى الأزياء الأمازيغية التقليدية، ثم تفرقت الجميلات على الهضبة المرتفعة، و إذا بلطيفة حسناء أمازيغية في كامل زينتها، تمشي مثل مشيت غزال متميزة بين رفيقاتها، خرجت هي الأخرى لكي “تصقر”، كنت أنا أجلس في مسافة غير بعيد منها .. أنتظر ساعة الغفلة لأعتر على مرادي.

توجهت إليها مباشرة و نظرة إليها بنظرة إعجاب واضحة تحمل رسالة إلى المعنية، قلت لها “أزول” ردت بالمثل..، قلت لها عيناك جميلتان تجاهلت الأمر خلف لحافها الأرجواني، لم يكن يظهر منها سوى عينيها الفاتنتين، لأنها كانت تمسك بلحافها جيدا وتصر على أن لا يظهر منها إلا عيناها، رفيقتها بجانبنا كن يوشوشن ويضحكن من تصرفي، يبدو أن الأمر ليس بهذه السهولة، ويبدو أن لطيفة تعرف جيدا أن عينيها جميلتان جدا، هربت ذات العينين العسليتين واختفت وسط رفيقاتها ولم يعد يظهر منها غير لون اللحاف الأرجواني.

استمرت الوشوشات الساخرة من احدهن بعد ضياعي لـ”لطيفة”، وفي لحظة إحباط، قررت لطيفة أن تظهر من جديد، وكأنها رقّت لحالي من السخرية اللاذعة لرفيقاتها، وكأنها كانت تريد الدفاع عني من الوشوشات الذكية التي لا تخطئ معناها، ليعود إلى دهني كلام أحد أصدقائي المقبل على الزواج بفتاة تعرف عليها عن طريق “الصقر”: “لا تستهن بذكائهن وبقدرتهن على إحراجك، واعلم أن كل كلمة هي محسوبة عليك، وأنك تتحدث إلى فتيات يتحدثن أنقى اللهجات السوسية في المغرب ويتقن نظم القصائد”.

ارتفع عدد العشاق في هذه الأثناء في الهضبة الإندوزالية المرتفعة فالبعض يبذل مجهودا خارقا لإقناع حبيبته بحبه، والبعض الآخر يبذل مجهودا مضاعفا من أجل العثور على حبيبة أو زوجة، ولطيفة تحترف الصمت القاتل في هذه الأثناء ، غيّرت الحسناء الأمازيغية مكان جلوسها في الهضبة، وقبِلَت أن تعود إلي وتجلس بقربي، كما قبِلت أن تتحدث إلي بتواضع..، حكت لي لطيفة: «والدتي أيضا تعرفت على والدي بالصقر» ، وعندما سئلت حول ما إذا كان والداها على علم برغبتها في إيجاد حبيب وزوج ، استغربت للسؤال ، لقد بدا الأمر وكأنك تسأل عن أمر غير مطروح مطلقا، وردت: بالفعل والداي على علم.

يتبع..

بقلم: حمزة الداودي / تِغِيرْتْ نْيُوزْ

مشاركة الخبر مع أصدقائك

أكتب تعليقك